وصاحت بها، فانطلقت، فطلبت فلم يروها، فركبوا خلفها، فنذرت إن نجاها الله عليها.. لتنحرنها، فلما قدمت المدينة.. عرفت الناقة: أنها ناقة رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذكرت نذرها، فأخبر النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بذلك فقال: "سبحان الله! بئس ما جزتها، لا وفاة لنذر ينذر في معصية الله، ولا فيما لا يملكه ابن آدم» . فلو كانوا قد ملكوها.. لما جاز للنبي أخذها من المرأة.
[مسألة: المسلم يأسره الكفار ويقدر على الهروب]
إذا أسر المشركون مسلما ً، وحملوه إلى دار الحرب، ثم أطلقوه، وأمنوه بلا ثمن.. نظرت:
فإن أطلقوه وأمنوه على أن يكون في ديارهم.. فلا يجوز له المقام في دار الشرك لأن مقامه فيها معصية، فيجب عليه أن يهرب، ولكن لا يجوز له أن يسبي أحدا منهم ولا يقتله ولا يأخذ شيئًا من أموالهم؛ لأنهم إذا أمنوه.. اقتضى أن يكونوا منه في أمان.
وحكى الشيخ أبُو إسحاق عن أبي عليّ بن أبي هُرَيرَة أنه قال لا أمان لهم منه لأنهم لم يستأمنوه. والأول هو المشهور.
وإن أطلقوه على أن يقيم في أرضهم ولم يؤمنوه.. وجب عليه الهرب منهم وجاز له قتلهم وسبيهم وأخذ أموالهم؛ لأنه لا أمان بينه وبينهم.
وإن أطلقوه على أن يقيم في أرضهم وحلفوه على أن لا يخرج، فإن أكرهوه على اليمين.. لم يلزمه حكم اليمين، وعليه أن يخرج.
قال الشيخ أبُو حامد: ولا يجوز له أن يقتل منهم ولا يسبي ولا يأخذ شيئًا من أموالهم؛ لأن إحلافهم له أمان منهم.