على حقه من الشفعة؛ لأن الشفعة قد ثبتت له، ولا يثبت عفوه إلا ببينة، أو إقرار منه، أو بيمين المدعي مع نكول الشفيع، فإذا لم يوجد شيء من ذلك.. كان على حقه من الشفعة، كما لو ادعى على رجل مالا، فاعترف به المدعى عليه، وادعى على المقر له: أنه أبرأه منه.. فالقول قول المقر له مع يمينه: أنه لم يبرئه، فإن حلف.. ثبت الحق، ولم تثبت البراءة، وإن نكل المقر له عن اليمين ردت اليمين على المقر المدعي للبراءة فإن حلف ثبتت البراءة وإن لم يحلف.. وجب عليه ما أقر به فكذلك هاهنا مثله.
[مسألة: ثبوت حق الشفعة بالبينة واليمين]
إذا كانت دار بين رجلين، فادعى أحدهما: أنه باع نصيبه من زيد ولم يقبض منه الثمن، وصدقه شريكه، وأنكر زيد الشراء، فإن كان مع البائع بينة بالبيع.. وجب على زيد تسليم الثمن، وأخذ الشفيع الشقص منه بالشفعة. وإن لم يكن مع البائع بينة.. فالقول قول زيد مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الشراء، وهل تثبت للشريك الشفعة؟ اختلف أصحابنا فيه:
فقال المزني، وأكثر أصحابنا: تثبت له الشفعة. وهو قول أبي حنيفة، وأحمد.
ومن أصحابنا من قال: لا تثبت له الشفعة. وحكي ذلك عن أبي العباس، وهو قول مالك.
ووجهه: أن الشفعة فرع على البيع، فإذا لم يثبت البيع.. لم تثبت الشفعة.
والأول أصح؛ لأن البائع أقر للمشتري بالشراء، وللشفيع بالشفعة، فإذا بطل حق المشتري برده.. لم يبطل حق الشفيع، كما لو أقر لاثنين بحق، فكذبه أحدهم، وصدقه الآخر.
فإن قلنا: لا تثبت الشفعة.. فللبائع مخاصمة المشتري، وعرض اليمين عليه، فإن حلف.. سقطت الدعوى، وإن نكل.. حلف البائع. قال ابن الصباغ: ويثبت البيع والشفعة.