والثاني: لا يلزمهم الهرب منهم؛ لما رُوِي:«أن رجلا قال: يا رسول الله، أرأيت لو انغمست في المشركين فقاتلت فقتلت، ألي الجنة؟ فقال: " نعم، إن قاتلت وأنت مقبل غير مدبر» . فانغمس الرجل في صف المشركين، فقاتل حتى قتل، ومعلوم أن الواحد من المسلمين إذا انغمس في صف المشركين أنه يهلك، فدلَّ على أنه يجوز.
فعلى هذا: يجوز لهم الفرار.
[فرع: جواز الفرار من اثنين إذا طلباه للقتال]
] : وإن لقي رجل من المسلمين رجلين من المشركين، فإن طلباه للقتال.. جاز له أن يفر منهما؛ لأنه غير متأهب للقتال.. وإن طلبهما للقتال.. فهل له أن يفر منهما؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز له أن يفر منهما؛ لأن فرض الجهاد في الجماعة دون الانفراد.
والثاني: لا يجوز له أن يفر منهما؛ لأنه مجاهد لهما حيث ابتدأهما بالقتال.
[مسألة: استحباب توقي قتل الأب والرحم المحرم المشرك]
إذا كان للمسلم أب مشرك.. فيستحب له أن يتوقى قتله؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: ١٥][لقمان: ١٥] فأمره بمصاحبتهما بالمعروف عند دعائهما له إلى الشرك، وقتلهما ليس من المصاحبة بالمعروف. ولأن النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأبي بكر حين أراد قتل ابنه: «دعه يتولى