وإن تجدد عليه دين بعد الحجر الأول، ثم ظهر له مال، فإن بان أن المال كان موجودا قبل فك الحجر الأول عنه.. قال الجويني: اختص به الغرماء الأولون دون الآخرين؛ لأن المال كان موجودا تحت الحجر الأول، وإن اكتسب هذا المال بعد فك الحجر الأول.. اشترك به الغرماء الأولون والآخرون على قدر ديونهم.
وقال مالك:(يختص به الغرماء الآخرون) .
دليلنا: أن حقوقهم مستوية في الثبوت في الذمة حال الحجر، فأشبه غرماء الحجر الأول
[مسألة: المكتري أحق الغرماء بالمنفعة]
وإن أكرى داره أو عبده من رجل مدة، ثم أفلس المكري قبل انقضاء المدة.. فإن المكتري أحق بالمنفعة من الغرماء؛ لأنه قد ملك المنفعة بعقد الإجارة قبل الحجر، فكان أحق بها، كما لو باع شيئا من ماله، ثم أفلس، فإن أراد المكتري فسخ الإجارة.. لم يكن له ذلك؛ لأن الفسخ إنما يكون في الموضع الذي يدخل عليه الضرر ولا يصل إلى كمال حقه، وهاهنا يصل إلى كمال حقه، فلم يكن له الفسخ.
فإن انهدمت الدار، أو مات العبد قبل انقضاء مدة الإجارة.. انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة، فإن كانت الأجرة لم تقبض.. سقط منها بقسط ما بقي من المدة، وإن كانت قد قبضت، فإن كانت باقية.. رجع منها بما يخص ما بقي من المدة، وإن كانت تالفة.. تعلق ذلك بذمة المفلس، ثم ينظر فيه:
فإن كان ذلك قبل قسمة مال المفلس.. شاركهم المكتري، وضرب معهم بأجرة ما بقي.
وإن كان ذلك بعد القسمة.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يشاركهم؛ لأن حق المكتري كان متعلقا بالمنفعة، فلما تلفت العين المكراة.. عاد حقه إلى ذمة المفلس بعد القسمة، فلم يشارك الغرماء، كما لو استدان بعد الحجر.