وإن طرحه في ساحل بحر قد يزيد إليه الماء وقد لا يزيد، فزاد الماء وغرقه.. لم يجب عليه القود؛ لأنه لم يقصد قتله، وتجب عليه دية مغلظة؛ لأنه عمد خطأ.
وإن كان الموضع لا يزيد الماء إليه، فزاد وغرقه.. لم يجب عليه القود، وتجب عليه دية مخففة، لأنه خطأ محض.
[مسألة حبسه فمات]
وإن حبس حراً وأطعمه وسقاه، فمات وهو في الحبس.. فلا قود عليه ولا دية، سواء مات حتف أنفه أو بسبب، كلدغ الحية، وسقوط الحائط، وما أشبهه.
وقال أبو حنيفة:(إن كان صغيراً، فمات حتف أنفه.. فلا شيء عليه، وإن مات بسبب، كلدغ الحية، أو سقوط الحائط.. فعليه الدية) .
ودليلنا: أنه حر، فلا يضمنه باليد، كما لو مات حتف أنفه.
وأما إذا حبسه ومنعه الطعام والشراب أو أحدهما حتى مات.. نظرت:
فإن حبسه عن ذلك مدة قد يموت مثله في مثلها غالباً.. وجب عليه القود؛ لأنه قتله بما يقتل مثله غالباً، فهو كما لو قتله بالسيف.
وإن كانت مدة قد يموت مثله في مثلها، وقد لا يموت مثله في مثلها.. لم يجب القود، وإنما تجب عليه الدية.
وإن كانت مدة لا يجوز أن يموت مثله في مثلها بمنع الطعام والشراب.. فلا قود عليه ولا دية؛ لأنا نعلم أنه مات بسبب آخر، ويعتبر حال المحبوس، فإن حبسه وهو جائع.. فإنه لا يصبر عن الطعام والشراب إلا المدة القليلة، وإن كان شبعان.. فإنه يصبر أكثر من مدة صبر الجائع. ويعتبر الطعام على انفراده، والشراب على انفراده؛ لأن الإنسان يصبر عن الطعام أكثر مما يصبر عن الشراب.
وإن أمكنه الخروج إلى الطعام والشراب، فلم يخرج حتى مات.. قال الطبري: فلا قود عليه بحال.