ومن أصحابنا من قال: لا يجب فيها القصاص؛ لأنها لما خالفت موضحة الرأس والوجه في تقدير الأرش.. خالفتها في وجوب القصاص.
والمنصوص هو الأول؛ لأنه يمكن القصاص فيها من غير حيف، فهي كالموضحة في الرأس والوجه.
فعلى هذا: إن كانت في موضع عليه شعر كثير.. فالمستحب: أن يحلق موضعها، ويعلم على موضعها بسواد أو غيره، ويقدر الطول والعرض على ما ذكرناه في موضحة الرأس. وإن كانت الجراحة في العضد، فزاد قدرها على عضد الجاني.. لم ينزل في الزيادة إلى الساعد. وإن كانت في الفخذ، وزاد قدرها على فخذ الجاني.. لم ينزل في الزيادة إلى الساق. وإن كانت في الساق، وزاد قدرها على ساق الجاني.. لم ينزل في الزيادة إلى القدم، كما لا ينزل في موضحة الرأس إلى الوجه والقفا.
وإن كانت فيما دون الموضحة.. لم يجب فيها القصاص، على المشهور من المذهب؛ لأنه لا يمكن المماثلة في ذلك، وعلى ما اعتبره الشيخ أبو حامد، وحكاه الخراسانيون فيما دون الموضحة من الجراحات على الرأس والوجه: يكون هاهنا مثله.
وإن كانت الجراحة جائفة، أو كسرت عظماً.. لم يجب القصاص فيها؛ لأنه لا يمكن المماثلة فيها، ويخاف فيها الحيف، بل إن كانت في موضع، ووصلت إلى العظم، ثم كسرت أو أجافت.. وجب القصاص فيها إلى العظم، ووجب الأرش فيما زاد.
[مسألة القصاص في الأطراف]
وأما الأطراف: فيجب فيها القصاص في كل ما ينتهي منها إلى مفصل، فتؤخذ العين بالعين؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ}[المائدة: ٤٥] الآية [المائدة: ٤٥] ، ولأنها تنتهي إلى مفصل.