والثاني: أنّ الأدقة كلّها جنس واحد، وكذلك الأخبار كلها جنس واحد، والأعصار كلها جنس واحد، وكذلك الخلول والأدهان. وليس بشيء؛ لأنها فروع لأصول هي أجناس حرم فيها الربا، فكان أجناسًا، كأصولها.
فإذا قلنا بهذا: ففي زيت الزيتون وزيت الفجل قولان:
أحدهما: أنها جنس واحد؛ لأن اسم الزيت يجمعهما.
والثاني: أنهما جنسان، وهو الصحيح؛ لأنهما فرعان لأصلين مختلفين؛ لأن الزيت إنما سمِّي: زيتًا؛ لأنه متخذ من الزيتون، وزيت الفجل يخالفه في اللون والطعم والرائحة، وإنما سمي: زيتًا؛ لأنه يصلح لبعض ما يصلح له الزيت، وبهذا القدر لا يكونان جنسًا واحدًا.
[فرعٌ: بيع أنواع العسل متفاضلاً]
قال الشافعي:(ويجوز بيع عسل الطبرزد وعسل القصب، بعسل النحل متفاضلاً) ؛ لأنهما جنسان مختلفان؛ ولأن إطلاق العسل إنما ينصرف إلى عسل النحل. وإنما سمي عسل الطبرزد وعسل القصب: عسلا؛ لحلاوته، فيقال: رجل معسول: إذا كان طيب الكلام، وامرأة معسولة الوجه: إذا كان حسنًا، ومنه قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمرأة:«حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» ، وأراد به: الجماع الذي يقع به الالتذاذ، مأخوذٌ من العسل.