إذا وضع رجل حجراً في طريق من طرق المسلمين، أو في ملك غيره بغير إذنه، فعثر بها إنسان لم يعلم بها، ومات منها.. وجبت ديته على عاقلة واضع الحجر، ووجبت الكفارة في ماله؛ لأنه تلف بسبب تعدى فيه، فوجب ضمانه.
وهكذا: إن نصب هناك سكيناً، فعثر رجل ووقع عليها، فمات منها.. وجبت عليه الدية؛ لما ذكرناه في الحجر.
فأما إذا وضع الحجر أو السكين، فدفع آخر عليها رجلاً ومات.. كان الضمان على الدافع؛ لأن الواضع صاحب سبب، والدافع مباشر، فتعلق الحكم بالمباشر.
وإن وضع رجل حجراً في طريق المسلمين، أو في ملك غيره بغير إذنه، ووضع آخر سكيناً بقرب الحجر، فتعثر رجل بالحجر، فوقع على السكين، ومات منها.. وجب الضمان على واضع الحجر.
وقال أبو الفياض البصري: إن كان السكين قاطعاً.. وجب الضمان على واضع السكين دون واضع الحجر، وإن كان غير قاطع.. وجب الضمان على واضع الحجر؛ لأن السكين القاطع موح. والأول هو المشهور؛ لأن واضع الحجر كالدافع له على السكين، فوجب عليه الضمان، كما لو نصب رجل سكيناً، ودفع عليها آخر رجلاً، ومات.
وإن وضع رجل حجراً في طريق المسلمين، ووضع اثنان حجراً إلى جنبه، فتعثر بهما رجل ومات.. فليس فيها نص لأصحابنا، إلا أن أصحاب أبي حنيفة اختلفوا فيها:
فقال زفر: يكون على الرجل الواضع للحجر وحده نصف الدية؛ لأن فعله مساو لفعلهما، وعلى الرجلين الواضعين للحجر الآخر النصف.
وقال أبو يوسف: تجب الدية عليهم أثلاثاً. قال ابن الصباغ: وهو قياس المذهب؛ لأن السبب حصل من الثلاثة، فوجب الضمان عليهم وإن اختلفت أفعالهم، كما لو جرحه رجل جراحة، وجرحه آخر جراحتين، ومات منها.