دليلنا: أن التوكيل بشراء الطعام على الإجمال والإبهام لا يصح، كما لو لم يذكر الثمن، ولم يدفعه، فإن كان قد وكله أن يسلفها في طعام إلى أجل، فأسلفها في طعام حال، فإن لم يقدر له قدر الطعام المسلم فيه.. لم يصح السلم؛ لأنه ما من شيء يسلم فيه المسلم إلى أجل بدرهم إلا إذا أسلف فيه حالا يسلف فيه أكثر من الدرهم، وإن قدر له الطعام المسلم فيه إلى الأجل، فأسلف في ذلك القدر حالا.. فهل يصح؟ فيه وجهان، مضى ذكرهما.
فإذا حل السلم، وكان قد أذن له في القبض، أو قلنا: له أن يقبض بمقتضى الوكالة بالسلم، فقبضه الوكيل.. صح قبضه.
فإن أبرأ الوكيل المسلم إليه من الطعام، فإن كان قد ذكر له الوكيل المسلم له في السلم، أو نواه وصدقه المسلم إليه.. لم يصح إبراؤه؛ لأنه لا يصح إبراء الوكيل من مال الموكل، وإن لم يذكره في السلم، ولا صدقه المسلم إليه أنه نواه.. فالظاهر أن السلم للوكيل، ويصح إبراؤه، ويضمن الوكيل للموكل مثل الطعام؛ لأنه حال بينه وبين طعامه بالبراءة، فصار كما لو قبضه وأتلفه.
[فرع: جواز أن يسلم له بما في ذمته]
] : قال أبو العباس: إذا قال رجل لغيره: أسلف لي مائة درهم في طعام، وانقد المائة من مال عليك في ذمتك، ففعل الوكيل.. ذلك جاز، وكان الطعام للموكل، وبرئت ذمة الوكيل من القدر الذي دفع من الدراهم في السلم؛ لأنه دفع تلك المائة بإذن الموكل، فهو كما لو أمره بدفعه إلى وكيله، فدفعه.
قال أبو العباس: ولو قال: أسلف لي مائة درهم في طعام، وانقد المائة من عندك لتكون لك علي قرضا، ففعل ذلك.. جاز؛ لأنه يجوز للإنسان أن يبتاع شيئا لغيره بمال نفسه بعوض يستحقه عليه، كما إذا قال لغيره: أعتق عبدك عن كفارتي وعلي قيمته، فأعتقه عنه..صح، ولزمته القيمة.
قال الشيخ أبو حامد: وهاتان المسألتان سهو من أبي العباس، ومذهب الشافعي: