وإن استأجر دابة.. فله أن يضربها الضرب المعتاد للمشي؛ لما روي عن جابر:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشترى منه جملًا، وحمله عليه إلى المدينة، وكان يضربه بالعصا» .
وله أن يكبحها باللجام، وهو: أن يجبذ لجامها بالعنان حتى يلوي رأسها، ويرده إليه؛ لأن ذلك متعارف.
[مسألة: استأجره لمنفعة فله أن يفوت بعضها]
وإن استأجر عينًا لمنفعة معينة.. فله أن يستوفي تلك المنفعة، أو مثلها، أو دونها، مثل: أن يستأجر دابة ليركبها في طريق إلى بلد، فله أن يركبها في مثل تلك الطريق في الأمن والسهولة والحزونة القدر، وكذلك: لو استأجرها ليركبها في طريق حزن.. فله أن يركبها في طريق سهل لا يزيد عليه في القدر، وكذلك: لو استأجرها ليركبها بنفسه.. فله أن يركبها من هو في مثل حاله في الطول والقصر والهزال والسمن، وليس له أن يستوفي أكثر من المنفعة التي استأجر عليها، كما قلنا فيمن استأجر أرضًا للغراس.. فله أن يزرعها، ولو استأجرها للزرع.. لم يغرس فيها.
ولو اكترى دابة بعينها، فأراد المكري أن يعطيه غيرها.. لم يلزم المكتري قبولها. والفرق بينهما: أن المعقود عليه منفعة الدابة، فلم يكن له أن يدفع إليه غيرها، كما لو باع منه دابة، وأراد أن يعطيه غيرها. وليس كذلك الراكب، فإنه هو المستوفي، فجاز أن يستوفي بنفسه وبغيره، كما لو كان له دين على غيره.. فإن له أن يستوفيه بنفسه، وله أن يوكل من يستوفيه.