وحكى الشيخ أبو حامد وابن الصباغ: أن أبا العباس ابن سريج قال: إذا حلف الولي على جميعهم.. اختار منهم واحدا وقتله، وأخذ من الباقين بحصتهم من الدية.
وحكى الشيخ أبو إسحاق عن أبي إسحاق مثله، ولم يذكر: أنه يرجع عليهم بشيء؛ ووجهه: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للأنصار:«يقسم منكم خمسون على رجل منهم، فيدفع برمته» . فلم يجعل لهم استحقاق القود بالقسامة إلا على واحد، فدل على: أن القود لا يستحق بالقسامة على أكثر من واحد.
والمذهب الأول؛ لأنها حجة يقتل بها الواحد، فقتل بها الجماعة، كالشاهدين.
وأما الخبر: فإنما أمرهم بتعيين المدعى عليه للقتل؛ لأن اليهود الذين ادعوا عليهم القتل كانوا جماعة لا يتأتى منهم الاشتراك في القتل. وأما قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليقسم خمسون منكم» فيجوز أنه كان له خمسون وليا.
[مسألة كون المدعي في اللوث واحدا أو أكثر وعدد الأيمان التي يحلفونها]
إذا كان المدعي للقتل في اللوث واحدا.. فإنه يحلف خمسين يمينا، سواء كانت دعواه على الواحد، أو على جماعة يصح اشتراكهم في القتل.
فإن كان المدعي للقتل مع اللوث أكثر من واحد.. ففيه قولان:
أحدهما: يجب أن يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا؛ لأن هذه الأيمان مع اللوث أقيمت مقام اليمين الواحدة مع الشاهد في الأموال، وقد ثبت أن الورثة لو ادعوا مالا عن مورثهم وأقاموا شاهدا واحدا.. فإن كل واحد منهم يحلف معه يمينا، فكذلك هذا مثله. ولأن اللوث حجة ضعيفة فغلظت الأيمان معها بالعدد؛ لكي لا يقدم على اليمين الواحدة، وهذا المعنى موجود إذا ادعى القتل جماعة.
والثاني: أن الخمسين يمينا تقسم بينهم على حصصهم من الدية، فإن حصل فيها كسر.. جبر الكسر، وهو الأصح؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للأنصار:«تحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم» . فأوجب على جماعتهم خمسين يمينا.