فأما عدالة شهود الكتاب: فيجب أن تثبت عند المكتوب إليه، فإن عدلهم الكاتب.. لم تثبت.
وقال القفال الشاشي: تثبت. وهذا غلط؛ لأنه يؤدي إلى تزكية الشاهد بقوله، فلم تصح.
[فرع ادعاء دين في الذمة أو عين وثبوته عند القاضي]
] : إذا كان المدعى دينا في الذمة وثبت عند القاضي بإقرار أو بينة.. جاز أن يكتب به على ما مضى، ويعمل المكتوب إليه بموجب ما كتب به إليه.
وإن كان المدعى عينا في بلد المكتوب إليه، فإن كانت عينا متميزة عن غيرها، كالعقار المحدود، أو العبد المشهور الاسم والصفة، أو دابة مشهورة الاسم والصفة.. جاز قبول الكتاب والعمل به في ذلك؛ لأنها متميزة عن غيرها فيمكن إلزام تسليمها. وإن كانت العين غير مشهورة، مثل أن يشهد الشاهدان عند الكاتب له بعبد من صفته كذا وكذا.. فهل يجوز قبول الكتاب فيه والعمل به؟ فيه قولان، حكاهما أصحابنا العراقيون:
أحدهما: لا يجوز قبول الكتاب فيه ولا العمل به. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، واختاره المزني؛ لأن المشهود به مجهول العين فلا يكفي فيه الوصف، ألا ترى أنه لا يصح أن يكون المشهود له موصوفا؟ فكذلك المشهود به.
والثاني: يجوز قبول الكتاب به؛ لأنه يمكن ضبطه بالصفة؛ ولهذا يثبت في الذمة بالعقد، فأشبه الدين، ويخالف المشهود له؛ لأنه لا حاجة به إلى ذلك.
فعلى هذا: يأمر المكتوب إليه المشهود عليه أن يحضر تلك العين، فإن أحضر عينا بالصفة التي شهد بها الشهود عليه عند الكاتب وادعاها المدعي.. ختم عليها المكتوب إليه بختمه وأنفذها مع المشهود له إلى الكتاب، وكانت في ضمان المدعي.