دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الشفعة فيما لم يقسم، ربع، أو حائط» . ولم يفرق، ولأنه خيار يثبت لإزالة الضرر عن المال، فثبت للذمي على المسلم، كخيار الرد بالعيب، وفيه احتراز من خيار القصاص.
إذا ثبت هذا: فإن اشترى ذمي من ذمي شقصاً بخمر، أو خنزير، والشفيع ذمي، فإن رفع ذلك إلى الحاكم قبل التقابض في الثمن بالبيع.. حكم الحاكم بإبطال البيع، وإبطال الشفعة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}[المائدة: ٤٩][المائدة: ٤٩] .
وإن رفع إلى الحاكم بعد التقابض في البيع، والأخذ في الشفعة.. لم يحكم بإبطال البيع، ولا بإبطال الشفعة؛ لأنه لا يحكم ببطلان ما استقر من عقودهم، كالنكاح بعد الدخول.
وإن رفع إليه بعد التقابض بالبيع، وقبل الأخذ بالشفعة.. لم يحكم بإبطال البيع، ولكن يحكم بإبطال الشفعة.
وقال أبو حنيفة:(تثبت الشفعة، فإن كانت لمسلم.. أخذ بقيمة الخمر، وإن كانت لذمي.. أخذ بمثلها) . وبناه على أصله: أن الخمر لأهل الذمة مال.
ودليلنا: أن البيع وقع بثمن حرام، فلم تثبت فيه الشفعة، كالميتة، والدم.
[فرع: اشترى شقصاً فيه شفعة فارتد]
] : إذا اشترى رجل شقصاً فيه شفعة، فارتد المشتري قبل أن يأخذ الشفيع.. فللشفيع أن يأخذ الشقص بالشفعة، سواء كان المشتري باقياً على ردته، أو مات، أو قتل بالردة؛ لأنه ليس فيه أكثر من زوال ملكه بموته إلى المسلمين، وهذا لا يسقط حق الشفيع، كما لو مات المشتري، وانتقل ماله إلى المسلمين بالإرث.
وهكذا: لو ارتد الشفيع قبل الأخذ، فمات أو قتل بالردة قبل الأخذ.. فإن شفعته لا تبطل بذلك، بل ينتقل النظر فيها إلى الإمام، فإن رأى المصلحة للمسلمين في أخذه بالشفعة.. أخذه، ودفع الثمن من بيت المال، وإن رأى الحظ في الترك.. لم