وقال الشافعي:(ليس هذا بقياس، بل القياس: أنهما يتقايسان ما كان ساقطًا وعاضدًا وخارجًا، فيسقط الأقرب منها من أي جهات الغرض ما كان أبعد منها) .
السادسة: إذا رميا فأصابا الهدف، وكانا في القرب سواء إلى الهدف.. قال الشافعي:(تناضلا) يريد: أنهما سواء، فيسقطان.
[مسألة: النضال بين فئتين]
ويجوز أن يكون النضال بين جهتين.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: لا يجوز؛ لأنه لا يجوز لأحدهم أن يأخذ بإصابة غيره. والأول هو المنصوص؛ «لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر بحزبين من الأنصار يتناضلان، فقال: ارموا، وأنا مع الحزب الذي فيه ابن الأدرع» ولم ينكر عليهم.
إذا ثبت هذا: فإن أرادوا التحزب.. فإنه ينتصب لكل حزب رئيس، يم يختار أحد الرئيسين واحدًا من الرماة، ثم يختار الرئيس الآخر واحدًا بإزائه، ثم يختار الأول واحدًا، ثم يختار الثاني واحدًا، إلى أن يستكمل كل واحد حزبه، فإن اختلف الرئيسان فيمن يختار أولًا.. أقرع بينهما؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر. وإن أرادوا أن يجعلوا الرئيس واحدًا في اختيار الحزبين.. لم يجز؛ لأنه تدخله التهمة، فيختار لنفسه الحذاق. ولا يجوز أن يختار أحد الرئيسين جميع أهل حزبه أولًا؛ لأنه يختار لنفسه الحذاق، بل يختار كل رئيس واحدًا على ما مضى. فإن قال أحد الرئيسين: أن أختار أولًا على أن أخرج السبق، أو على أن يكون السبق على حزبي، أو قال لصاحبه: اختر أولًا، على أن يكون السبق عليك.. لم يجز؛ لما ذكرناه من أن ذلك يؤدي إلى أن يختار أحدهما لحزبه الحذاق. فإن عدل بين الحزبين بالقوة والضعف، ثم اقترع الزعيمان على الحزبين.. لم يصح؛ لأن المناضلة كالإجارة في أحد القولين، وكالجعالة في الآخر، وأيهما كان.. فلا تدخله القرعة.