لم يجز للحاكم أن يحكم بذلك. ولأن الحكم بشهادته حكم بتعديله، والتعديل لا يثبت بقول واحد منهما.
وإن عرف الحاكم عدالة الشاهد في وقت ثم شهد عنده بعد ذلك.. نظرت:
فإن كان بينهما مدة قريبة، كاليوم واليومين والثلاث.. فإنه يحكم بشهادته ولا يفتقر إلى السؤال عنه؛ لأن عدالته لا تتغير في مثل ذلك، والأصل بقاؤها إلى أن يعلم خلافها. وإن مضى له مدة طويلة.. ففيه وجهان:
[أحدهما] : من أصحابنا من قال: يحكم بشهادته ولا يسأل عن حالته؛ لأن عدالته قد ثبتت، والأصل بقاؤها إلى أن يعلم خلافها.
[والثاني] : قال أبو إسحاق: لا يحكم بشهادته حتى يسأل عن عدالته؛ لأن مع طول الزمان قد يتغير الحال.
فعلى هذا: ليس له حد مقدر، ولكن يرجع في ذلك إلى العرف والعادة في كل مدة يجوز أن يتغير حال الإنسان فيها.
وحكى أبو إسحاق: أن بعض الناس قال: يسأل عنه في كل ستة أشهر. وليس هذا مذهبنا، ولكن على ما يراه الحاكم.
[فرع شهادة المسافرين]
] : وإن شهد مسافران عند الحاكم بشهادة وهو لا يعرفهما.. لم يحكم بشهادتهما حتى يزكيهما رجلان من أهل الرفقة، أو من أهل البلد ممن يعرفهما الحاكم.
وقال مالك:(إذا رأى الحاكم فيهما سيماء الخير.. حكم بشهادتهما وإن لم يعرف عدالتهما في الباطن ولا زكاهما من يعرفهما) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢][البقرة: ٢٨٢] ومن لا يعرف عدالته غير مرضي. ولأن عدالتهما في الباطن مجهولة عند الحاكم، فلم يصح الحكم بشهادتهما، كشاهدي الحضر.