شبهة يسقط بها القطع. فإذا قلنا: يقطع.. فلا كلام. وإذا قلنا: لا يقطع.. فهل يحبس السارق إلى أن يحضر المسروق منه؟ قال الشيخُان: فيه وجهان:
أحدهما: يحبس؛ لأن الحد قد وجب في الظاهر، وإنما أخر استيفاؤه خوف أن يكون هناك شبهة يسقط بها القطع، فوجب حبسه، كما لو وجب القطع لصبي أو مجنون.
والثاني: إن كانت غيبة المسروق منه قريبة.. حبس السارق إلى أن يقدم. وإن كانت بعيدة.. لم يحبس؛ لأن على السارق ضررا في الحبس إلى أن يحضر من الغيبة البعيدة، ولا ضرر عليه في الحبس إلى أن يحضر من الغيبة القريبة.
فإن أقر رجل أنه غصب من رجل غائب مالا.. لم يحبسه الحاكم.
والفرق بينهما: أن من أقر بالغصب.. أقر بحق للمغصوب منه، فلا يتعلق للحاكم به مطالبة، فلم يستحق حبسه. ومن أقر بالسرقة.. أقر بما يتعلق به للحاكم مطالبة، وهو القطع، فملك حبسه. وقال ابن الصبَّاغ: هل يحبس السارق؟ فيه وجهان:
أحدهما: يحبس؛ لما مَضَى.
والثاني: إن كانت العين المسروقة تالفة.. حبس. وإن كانت باقية.. نظرت: فإن كانت غيبته قريبة.. أخذت منه العين وحبس. وإن كانت بعيدة.. أخذت منه العين ولم يحبس.
[فرع: أقرا بسرقة عين ذات نصاب أو ادعى السارق أنها ملك لسيده]
أو لفلان أذن له فيها] :
وإن أقر رجلان بسرقة عين قيمتها نصاب من حرز مثلها.. وجب عليهما القطع. فإن رجع أحدهما عن إقراره، وأقام الآخر على إقراره.. سقط القطع عن الراجع ولم يسقط عن الآخر؛ لأن حكم كل واحد منهما معتبر بنفسه.
وإن قال أحدهما: هذه العين لي، وصدقه شريكه، أو ادعاها شريكه لنفسه، وكذبهما المسروقة منه.. لم يقبل قولهما في ملك العين، ويسقط القطع عنهما على المذهب. وأمَّا إذا ادعاها لنفسه وكذبه شريكه، وقال: بل سرقناها.. فإن القطع يسقط عن الذي ادعاها أنها له، وهل يسقط القطع عن شريكه المكذب؟ فيه وجهان: