فمنهم من نقل جواب كل واحدة منهما إلى الأخرى، وجعلهما على قولين:
أحدهما: لا يجب على الحرة ولا على سيد الأمة، لأن المخاطب بها هو الزوج، فإذا أعسر، وعجز عنها.. لم يجب على غيره.
والثاني: يجب عليهما؛ لأن الفطرة كانت في الأصل واجبة على الحرة، وعلى سيد الأمة، وإنما انتقلت عنهما بالزوجية، فإذا لم يكن من انتقلت إليه عنها بالزوجية من أهل التحمل.. عادت إلى من كانت عليه.
ومن أصحابنا من قال: يُبنى ذلك على: أن الفطرة وجبت ابتداء على الزوج، أو على الزوجة، ثم يتحمل عنها الزوج، فإن قلنا: إنها وجبت ابتداء على الزوج.. لم يجب على الزوجة ولا على سيد الأمة. وإن قلنا: إنها وجبت على الزوجة.. لم يتحملها الزوج، ووجبت على الزوجة وعلى سيد الأمة؛ لأن الوجوب كان عليهما، والزوج يتحمل، فإذا عجز.. بقي الوجوب في محله.
وهذا القول يوافق الأول في الحكم، وإنما خالفه في السبيل؛ لأن الأول يقول: هما قولان أصليان، والثاني يقول: هما مبنيان.
وقال أبو إسحاق: بل المسألتان على ظاهرهما، فيجب على السيد، ولا يجب على الحرة الموسرة؛ لأن الحرة يجب عليها تسليم نفسها ليلًا ونهارًا، فانتقلت فطرتها عنها بغير اختيارها، والسيد لا يجب عليه تسليم الأمة ليلًا ونهارًا، وإنما يجب عليه بالليل لا غير، ولا يجب على الزوج نفقتها ولا فطرتها، فإذا تطوع السيد بتسليمها ليلًا ونهارًا.. لم يسقط عنه ما وجب عليه من النفقة والفطرة بذلك.
[مسألة: وقت دفع الفطرة]
] : ومتى تجب زكاة الفطر؟ فيه قولان مشهوران:
أحدهما - قاله في القديم -: (أنها تجب بطلوع الفجر من يوم الفطر) . وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وأبو ثور، وهي إحدى الروايتين عن مالك رحمة الله عليه؛