ولأن ما صحَّ أن يثبت في الذمة مهرًا.. صحَّ أن يثبت فيها قرضًا، كالثياب.
فأمَّا استقراض الجواري: فيجوز ذلك لمن لا يحل له وطؤها بنسب أو رضاع أو مصاهرة، كغيرها من الحيوان، ولا يجوز لمن يحل له وطؤها.
وقال المزني، وابن داود، وابن جرير الطبري: يجوز.
وحكى الطبري عن بعض أصحابنا الخراسانيِّين: أنه يجوز قرضها، ولا يحل للمستقرض وطؤها.
دليلنا: أنَّه عقد إرفاق لا يلزم كل واحد من المتعاقدين، فلم يملك به الاستمتاع، كالعارية.
فقولنا:(عقد إرفاق لا يلزم كل واحد من المتعاقدين، فلم يملك به الاستمتاع) احترازٌ من البيع إذا اشترى جارية بجارية، ثم وجد كل واحد منهما بما صار إليه عيبًا.. فإن لكل واحد منهما أن يطأ جاريته، وليس بعقد إرفاق. ولا ينتقض بالرجل إذا وهب لابنه جارية؛ لأن الهبة تلزم من جهة الموهوب، ولا تلزم من جهة الواهب.
[مسألةٌ: في البيع والسلف]
] : ولا يجوز بيع وسلف، وهو أن يقول: بعتك هذه الدار بمائة على أن تقرضني خمسين؛ لما روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن بيع وسلف، وعن بيعتين في بيعة، وعن ربح ما لم يضمن، وبيع ما ليس عنده» .
ولا يجوز أن يقرضه دراهم على أن يعطيه بدلها في بلد أخرى، ولا أن يكتب له بها سفتجة، فيأمن خطر الطريق ومؤنة الحمل. وكذلك: لا يجوز أن يقرضه شيئًا