وجوب الحكم إنما يتوجه بطلبه دون المحكوم عليه؛ لأن الحق في الحكم للمحكوم له دون المحكوم عليه.
[مسألة إقرار القاضي بحكمه لفلان قبل عزله أو بعده وشهادته عند غيره]
] : إذا قال القاضي في حال ولايته: حكمت لفلان على فلان بكذا بإقرار المدعى عليه، أو بقيام بينة عليه وثبتت عدالتهما عندي، أو بيمين المدعي بعد نكول المدعى عليه.. قبل قول القاضي بذلك، وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد.
وحكي عن محمد بن الحسن أنه قال: لا يقبل قوله حتى يشهد بحكمه شاهدان، أو رجل عدل معه.
دليلنا: أنه يملك الحكم فملك الإقرار به، كالزوج لما ملك الطلاق.. ملك الإقرار به.
فأما إذا عزل، فقال بعد العزل: قد كنت حكمت لفلان بكذا.. فإنه لا يقبل قوله.
وقال أحمد:(يقبل قوله) .
دليلنا: أنه لا يملك الحكم فلا يملك الإقرار به، كسائر الرعية. وهل يكون شاهدا حتى لو شهد معه آخر عند قاض آخر حكم له به؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو سعيد الإصطخري: يكون شاهدا فيه، كما تقبل شهادة المرضعة على إرضاعها مع ثلاث نسوة معها.
و [الثاني] : المذهب: أنه لا تقبل شهادته في ذلك؛ لأن ذلك يتضمن إثبات العدالة لنفسه؛ لأن الحكم لا يصح إلا من عدل، فلم يصح ذلك بقوله، بخلاف الرضاع؛ فإنه يصح من غير عدل، فلم يتضمن إثبات العدالة لنفسه.
فإذا قلنا بهذا: فقال هذا المعزول: أشهد أن حاكما يجوز حكمه حكم لفلان بكذا، ولم يخبر بذلك عن نفسه.. ففيه وجهان: