أبعد وقعًا من جميع السلاح، وأكثر ما يبلغ إليه السهم ثلاثمائة ذراع.
وذهب ابن خيران، وابن الوكيل: إلى أن الشافعي لم يأخذه من هذا، وإنما أخذه من عرف الناس وعادتهم، وهو ظاهر النص؛ لأن الشافعي قال:(وقربه ما يعرفه الناس قربًا) ، وهذا اختيار الشيخ أبي حامد، وابن الصباغ.
وهل ذلك تحديد، أو تقريب؟ فيه وجهان.
[مسألة الصلاة في دار بقرب المسجد]
قال الشافعي:(ولو صلى في دار قرب المسجد لم يجز، إلا بأن تتصل الصفوف، لا حائل بينه وبينها) ، وجملة ذلك: أنه إذا صلى في داره، أو دار غيره بصلاة الإمام في المسجد، فإن كان يصلي في قرار الدار، وباب داره مفتوح، يرى منه الإمام، أو بعض المأمومين، فاختلف أصحابنا في ذلك:
فقال أبو إسحاق: لا يجوز، إلا أن تكون الصفوف متصلة إلى داره اتصال العادة؛ لأن الشافعي اشترط ذلك.
والفرق بينه وبين الصحراء: أن الصحراء مهيأة لمرافق المسلمين، ومن مرافقهم الصلاة، وداره لم تبن لذلك، وإنما هي ملك له خاص، وهذه طريقة المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٨٦] .
وقال أبو علي في " الإفصاح ": لا فرق بين الدار وبين الطرق والصحارى، ويراعى فيه القرب والبعد الذي ذكره الشافعي.
وقوله:(إلا أن تتصل الصفوف) أراد: ألا يكون بين الصفين أكثر من ثلاثمائة ذراع؛ لأن هذا عنده حد الاتصال.