دليلنا: ما روي: «أن أبا بكرة دخل المسجد، وهو يلهث، وقد ركع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأحرم، وركع معه، ثم دخل الصف، فلما فرغ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من صلاته قال:"أيكم الذي ركع خلف الصف وحده؟ "، فقال أبو بكرة: أنا يا رسول الله، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "زادك الله حرصًا، ولا تعد» ، ولم يأمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالإعادة.
وأما قوله: "ولا تعد": فيحتمل ثلاثة تأويلات:
أحدها: لا تعد إلى العدو الشديد؛ لأنه جاء يلهث، وهذا كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أتيتم الصلاة، فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن ائتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة» .
والثاني: أنه أراد: لا تعد أن تتأخر عن الصلاة، حتى تفوتك الركعة.
والثالث: لا تعد إلى الإحرام خلف الصف.
[فرع تقدم المأموم]
إذا تقدم المأموم على الإمام، وصلى بصلاته في غير المسجد الحرام، ففيه قولان:
[الأول] : قال في الجديد: (لا تصح صلاته) ، وبه قال أبو حنيفة، وهو الصحيح؛ لأنه قد وقف في موضع ليس بموقف مؤتم بحال، فأشبه إذا وقف في موضع نجس.
فقولنا:(بحال) احتراز ممن وقف على يسار الإمام وحده.
و [الثاني] : قال في القديم: (تصح صلاته) ، وبه قال مالك، وإسحاق، وأبو ثور؛ لأنه خالف سنة الوقف مع الإمام، فوجب ألا يمنع صحة الصلاة، كما لو وقف على يسار الإمام وحده، فإن صلى الإمام في المسجد الحرام إلى ناحية من نواحي