وإن حلف لا يأكل اللحم.. حنث بأكل كل ما يؤكل لحمه من الدواب والصيد؛ لأنه يقع عليه اسم اللحم.
وإن أكل لحم السمك.. لم يحنث.
وقال مالك، وأبو يوسف:(يحنث) . وبه قال بعض أصحابنا الخراسانيين؛ لأن الله تعالى سماه لحما، فقال:{لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا}[النحل: ١٤][النحل: ١٤] .
ودليلنا: أنه لا ينصرف إليه الإطلاق في اسم اللحم؛ ولهذا يصح أن ينفى عنه اسم اللحم، فيقول: ما أكلت اللحم، وإنما أكلت السمك.
وإنما سماه الله تعالى لحما مجازا لا حقيقة، والأيمان إنما تقع على الحقائق؛ ولهذا لو حلف لا أقعد تحت سقف، فقعد تحت السماء.. لم يحنث وإن كان الله قد سماها سقفا فقال:{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا}[الأنبياء: ٣٢][الأنبياء: ٣٢] .
وإن أكل من لحم ما لا يؤكل، كالخنزير، والحمار.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يحنث؛ لأن يمينه ينصرف إلى ما يحل أكله في الشرع؛ ولهذا لو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا.. لم يحنث.
والثاني: يحنث، وبه قال أبو حنيفة؛ لأنه يقع عليه اسم اللحم وإن لم يحل أكله، فيحنث به، كما لو أكل لحما مغصوبا.
وإن حلف لا يأكل اللحم، فأكل شحم الجوف، أو لا يأكل الشحم، فأكل اللحم.. لم يحنث؛ لأنهما مختلفان في الاسم والصفة.
وإن حلف: لا يأكل اللحم، فأكل الكبد والطحال.. لم يحنث.
وقال أبو حنيفة:(يحنث) . وبه قال بعض أصحابنا؛ لأنه لحم حقيقة، ويتخذ منه ما يتخذ من اللحم.