فدليل الخطاب من الخبر دليل على أبي حنيفة، ونطقه دليل على غيره.
فإن كان السير في البحر، فالاعتبار بالمسافة التي ذكرناها في البر، وهي أربعة براد، ولو قطعها في أدنى زمان، فيجوز له القصر في السفر في ذلك.
[فرع ما لو كان للبلد طريقان]
] : وإن كان للبلد الذي يقصده طريقان، يقصر في إحداهما الصلاة، دون الأخرى، فسافر في الطريق القصيرة لم يقصر.
وإن سافر في الطريق الطويلة، فإن كان لغرض صحيح في السفر من واجب، أو طاعة، أو مباح، فله أن يقصر الصلاة؛ لأنه سافر لمعنى جائز.
وإن كان لغير غرض، ولكن ليقصر الصلاة، ففيه قولان:
أحدهما: ليس له أن يقصر، وهو اختيار أبي إسحاق المروزي؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله يبغض المشائين من غير أرب» ، وهذا يمشي من غير أرب؛ ولأنه طول الطريق على نفسه لا لغرض، فأشبه إذا مضى في الطريق القصير طولًا وعرضًا، حتى طال.
والثاني: له أن يقصر، وهو اختيار الشيخ أبي حامد؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}[النساء: ١٠١][النساء: ١٠١] وهذا ضارب.
ولأنه سفر مباح تقصر في مثله الصلاة، فهو كما لو لم يكن له طريق سواه.