فإن قيل: هلا أخذتم بالقيمة عبدًا مدبرًا، كما جعلتم قيمة المرهون رهنًا؟
قلنا: الفرق بينهما: أن العبد المأخوذ بقيمته لا يكون بدله، وإنما يكون بدل قيمته، ولأن الرهن لازم، فتعلق ببدله، والتدبير ليس بلازم؛ لأنه يجوز إبطاله بالبيع.
[فرع جناية المدبر]
: وإن جنى المدبر على غيره، فإن كانت الجناية عمدًا، فاختار المجني عليه القصاص، فاقتص، فإن كان في النفس.. بطل التدبير، وإن كان في الطرف.. كان باقيًا على تدبيره. وإن كانت الجناية خطأ أو عمدًا فعفى المجني عليه على مال.. تعلق الأرش برقبة المدبر كالعبد القن.
وإن اختار السيد أن يفديه.. فبكم يلزمه أن يفديه؟ فيه قولان:
أحدهما: بأقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية.
والثاني: بأرش الجناية بالغًا ما بلغ، كالقولين في العبد القن.
فإن فداه.. سقط حكم الجناية وكان باقيًا على التدبير. وإن اختار أن يسلمه للبيع، فإن كان الأرش يستغرق قيمته.. بيع جميعه في الأرش. وإن كان الأرش لا يستغرق قيمته.. بيع منه بقدر أرش الجناية إن أمكن بيع ذلك، وكان الباقي على التدبير، إلا أن يختار السيد بيع جميعه، فيباع؛ لأن للسيد بيع المدبر بكل حال.
فإن مات السيد قبل أن يفديه وقبل بيعه.. فهل يعتق؟
إن قلنا: لا يصح عتق العبد الجاني.. لم يعتق، وكان الورثة بالخيار بين أن يفدوه أو يسلموه للبيع.
وإن قلنا: يصح عتق العبد الجاني.. عتق بالتدبير وأخذت القيمة من أصل التركة؛ لأنه عتق بسبب من جهته، فتعلق الأرش بتركته.
ولا يجب في التركة إلا أقل الأمرين من القيمة أو الأرش قولًا واحدًا؛ لأنه لا يمكن بيعه.