وإن كان عاجزا عن المشي جاز له أن يركب؛ لأن الواجب بالشرع يسقط بالعجز عنه فلأن يسقط الواجب بالنذر عند العجز أولى، فإذا ركب فهل يجب عليه دم؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يجب؛ لأنه لو نذر أن يصلي قائما فعجز كان له أن يصلي قاعدا، ولا شيء عليه، فكذلك هاهنا.
والثاني: يجب عليه الهدي؛ لحديث عقبة بن عامر؛ لأنه لا يجوز أن يأمرها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالركوب إلا مع العجز. ولأنه إذا تركه مع القدرة لزمه الدم، وكذلك إذا تركه عاجزا، كسائر المناسك، بخلاف الصلاة فإنه لا يدخلها الجبران بالهدي، والحج يدخله الجبران. هذا نقل الشيخ أبي حامد والبغداديين من أصحابنا.
وقال صاحب " الإبانة ": إذا نذر الحج ماشيا فهل يلزمه الحج ماشيا أو يجوز له الركوب؟ فيه قولان، بناء على أن الأفضل أن يحج راكبا أو ماشيا، فإن قلنا: إن الأفضل أن يحج ماشيا لزمه المشي، فإن ركب مع القدرة على المشي فهل يصح حجه؟ فيه قولان. فإن قلنا: يصح فعليه الدم، وإن قلنا: لا يصح فعليه القضاء، ومن أين يمشي؟ ينظر في لفظه:
فإن قال: علي لله أن أحج ماشيا أو أحرم ماشيا فمن وقت الإحرام بالحج.
وإن قال: علي لله أن أمشي إلى مكة حاجا فمن حين يخرج من بيته.
[فرع نذر أن يركب إلى المسجد الحرام فمشى أو بغير نسك]
] : وإن نذر أن يركب إلى بيت الله الحرام فمشى فالمشهور من المذهب: أن عليه الدم: لأنه ترفه بترك مؤنة الركوب. وحكى صاحب " الفروع " وجها آخر: أنه لا دم عليه؛ لأن المشي أشق من الركوب.
وإن نذر المشي إلى بيت الله الحرام لا حاجا ولا معتمرا فوجهان:
أحدهما: لا ينعقد نذره؛ لأن النذر إنما ينعقد إذا أطلق؛ لأنه محمول على عرف