والثاني: لا يجب عليه القطع - وبه قال أبو حنيفة؛ لأنها سرقة، سقط القطع في بعضها فسقط في جميعها، كما لو سرق مالا مشتركا بينه وبين غيره، والأول أصح؛ لأن سقوط القطع في الخمر لا يوجب سقوط القطع في الإناء.
وإن سرق قشور الرمان وما أشبهها مما يستهان به.. فهل يجب فيه القطع؟ فيه وجهان، حكاهما في " الفروع " و " التجريد ":
أحدهما: لا يجب عليه فيه القطع؛ لأنه لا يتمول.
والثاني: يجب فيه القطع، وهو المذهب؛ لأنه مال.
[فرع: سرقة آلات اللهو أو إناء أو صنم من ذهب أو فضة]
قال الشيخُ أبُو حامد وابن الصبَّاغ: إذا سرق طنبوراً، أو مزماراً، أو غير ذلك من آلة اللهو، فإن كانت قيمته على حاله ربع دينار، وإذا أزيل تأليفه كانت قيمته أقل من ربع دينار.. لم يجب فيه القطع؛ لأن تأليفه محرم لا قيمة له. وإن كان إذا نقض تأليفه وصار خشباً يستعمل في أشياء مباحة يساوي ربع دينار فصاعداً.. وجب القطع بسرقته؛ لأنه سرق ما يساوي ربع دينار. وكذلك: إن كانت قيمته بعد نقضه لمنفعة مباحة لا تبلغ ربع دينار إلا أن عليه حلية تبلغ نصاباً بنفسها، أو تبلغ مع قيمته نصاباً.. وجب بسرقته القطع. وذكر الشيخ أبُو إسحاق: إن كان إذا فصل.. صلح لمنفعة مباحة، وأراد: إذا بلغت قيمته نصاباً بعد ذلك.. فهل يجب بسرقته القطع؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يجب؛ لما تقدم ذكره.
والثاني: لا يجب بسرقته القطع - وبه قال أبُو حَنِيفَة - لأنه آلة معصية، فلم يجب بسرقته القطع، كالخمر.
والثالث: وهو قول أبي علي بن أبي هُرَيرَة -: إن أخرجه مفصلاً.. قطع، لزوال المعصية. وإن أخرجه غير مفصل.. لم يقطع؛ لبقاء المعصية.
وإن سرق إناء من ذهب أو فضة، فإن كانت قيمته من غير صنعته تبلغ نصاباً..