أحدهما: تبين منه، كما لو خير أحدنا زوجته، فاختارت فراقه.
والثاني: لا تبين منه حتى يطلقها. قال: وهو الأصح، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا}[الأحزاب: ٢٨][الأحزاب: ٢٨] الآية. ولأن الرجل منا لو خير زوجته بين الدنيا والآخرة، فاختارت الدنيا.. لم تبن منه، فكذلك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[فرع خير نساءه صلى الله عليه وسلم فاخترنه فحظر عليه نكاح غيرهن]
وحكم طلاقهن بعد تخييرهن] :
لما خير رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساءه، فاخترنه.. حرم الله عليه التزويج بغيرهن، والاستبدال بهن، مكافأة لهن على فعلهن. والدليل عليه: قَوْله تَعَالَى: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ}[الأحزاب: ٥٢][الأحزاب: ٥٢] .
وهل كان يحل له أن يطلق واحدة منهن بعد ذلك؟ فيه وجهان، حكاهما المسعودي [في" الإبانة "] :
أحدهما - وهو اختيار المسعودي [في" الإبانة "] ، لم يذكر ابن الصباغ غيره-: أنه كان لا يحل له ذلك، جزاء لهن على اختيارهن له.
والثاني - ولم يذكر في " التعليق " غيره-: أنه كان يحل له ذلك، كغيره من الناس، ولكن لا يتزوج بدلها، ثم نسخ هذا التحريم، وأباح له أن يتزوج بمن شاء عليهن من النساء. والدليل عليه: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ}[الأحزاب: ٥٠][الأحزاب: ٥٠] الآية. والإحلال يقتضي تقدم حظر، وزوجاته اللاتي في حياته لم يكن محرمات عليه، وإنما كان حرم عليه التزويج بالأجنبيات، فانصرف الإحلال إليهن، ولأنه قال في سياق الآية:{وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ}[الأحزاب: ٥٠] . [الأحزاب: ٥٠] ولم يكن تحته أحد من بنات عمه، ولا من بنات عماته، ولا من بنات خاله، ولا من بنات خالاته، فثبت: أنه أحل له التزويج بهن ابتداء، وهذه الآية وإن كانت متقدمة في التلاوة.. فهي متأخرة النزول عن الآية المنسوخة بها، كالآية في قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤][البقرة: ٢٣٤] نسخت