و [الثاني] : منهم من قال: يصح، قولًا واحدًا؛ لما ذكرناه من حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأن ذلك عمل في مقابلة عوض، فأشبه العمل في ذمته، ويخالف الملك؛ لأنه يقتضي تسلطا واستدامة ملكه عليه.
[مسألة: من يملك الإجارة وبم تنعقد؟]
ولا تصح الإجارة إلا من جائز التصرف في المال؛ لأنه تصرف في المال، فهو كالبيع.
وتنعقد الإجارة بلفظ الإجارة؛ لأنه لفظ موضوع له، وهل تنعقد بلفظ البيع؟ فيه وجهان:
أحدهما: تنعقد؛ لأنه تمليك يتقسط العوض فيه على المعوض، فانعقد بلفظ البيع، كالصرف ينعقد بلفظ البيع، وفيه احتراز من النكاح، فإنه لا ينعقد بلفظ البيع؛ لأنه لا يتقسط العوض فيه على المعوض.
والثاني: لا ينعقد؛ لأن البيع يخالف الإجارة في الاسم والحكم، فلم تنعقد الإجارة بلفظه، كالنكاح.
وإذا عقدت الإجارة على عين.. فاختلف أصحابنا فيما يتناوله عقد الإجارة:
فقال أبو إسحاق: إن العقد يتناول العين، ولهذا يقول: أجرتك داري. وقال أكثر أصحابنا: إن العقد يتناول المنفعة دون العين، وبه قال مالك، وأبو حنيفة؛ لأن الأجرة في مقابلة المنفعة.
ولهذا: إذا قبض المستأجر العين.. ضمن المنفعة دون العين، وما كان العوض في مقابلته.. فهو المعقود عليه، وقوله:(أجرتك داري) معناه: منفعة داري، ولو قال: أجرتك منفعة داري.. صح.
إذا ثبت هذا: فإن منافع العين المستأجرة تحدث على ملك المستأجر.
وقال أبو حنيفة:(المنفعة تحدث على ملك المؤاجر، ولا يملكها المستأجر بالعقد) .