والذي يقتضي المذهب: أنه لا يعتبر تصديق الأب هاهنا، بل يكفي تصديق الجد؛ لأنه هو الأصل الذي يثبت النسب منه، ولو كذبه ابنه لم يؤثر تكذيبه، فلا معنى لاعتبار تصديقه الابن.
[مسألة خلف أخا لأب فأقر بابن]
وإن مات رجل وخلف أخا لأب، فأقر بابن للميت.. ثبت نسب الابن، وهل يرث؟ اختلف أصحابنا فيه: فقال أبو العباس: يرث - واختاره ابن الصباغ - لأنه إذا ثبت نسبه.. فالميراث مستحق بالنسب، فلا يجوز أن يثبت النسب ولا يثبت الميراث.
وقال سائر أصحابنا: لا يرث، وهو الأصح؛ لأنا لو ورثنا الابن.. لخرج الأخ عن أن يكون وارثا، وإذا لم يكن وارثا.. لم يقبل إقراره بالنسب؛ وإذا لم يقبل إقراره بالنسب.. لم يثبت نسب الابن ولا ميراثه؛ فإثبات الميراث له يؤدي إلى نفي نسبه وميراثه، فأثبتنا النسب وأسقطنا الميراث، ولنا مثل هذه المسألة ثمان مسائل:
إحداهن: إذا تزوجت الحرة بعبد بألف في ذمته، وضمن السيد عن المهر، ثم باعه منها بالألف التي ضمنها قبل الدخول.. فلا يصح البيع، وقد مضى بيانها في (الصداق) .
الثانية: إذا أعتق في مرض موته جارية وتزوجها، ثم مات.. فإنها لا ترثه، وقد مضى ذكرها.
الثالثة: إذا أعتق في مرض موته جارية قيمتها مائة وتزوجها على مائة، ومات وخلف مائتين لا غير.. فلا ميراث لها ولا صداق، وقد مضت أيضا.
الرابعة: إذا كانت له جارية قيمتها مائة، وزوجها من عبد على مائة وأعتقها قبل الدخول، وخلف مائة لا غير.. فلا يثبت لها الفسخ، وقد مضت أيضا.
الخامسة: إذا أعتق عبدين، ثم ادعى رجل أن المعتق كان غصبهما منه، وقد صارا عدلين فشهدا للمدعي بذلك.. فلا تقبل شهادتهما؛ لأنا لو قبلنا شهادتهما.. بطل عتقهما، وإذا بطل عتقهما.. بطلت شهادتهما.