دليلنا: أن الله تعالى سماه فاحشة؛ لقوله:{أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ}[الأعراف: ٨٠][الأعراف: ٨٠] وأخبر: أن الفاحشة لا تثبت إلا بأربعة شهداء؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ}[النساء: ١٥] الآية [النساء: ١٥] . ولأنا نبني على أصلنا وأنه يوجب حد الزنى وأغلظ منه، فلم يثبت إلا بأربعة شهداء كالزنى.
وأما إتيان البهيمة: فإن قلنا: أن الواجب فيه القتل أو حد الزنى.. لم يثبت إلا بأربعة شهود، كحد الزنى. وإن قلنا: إن الواجب فيه التعزير.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يثبت إلا بأربعة؛ لأنه فرج حيوان تجب بالإيلاج فيه العقوبة، فاعتبر في الشهادة عليه أربعة، كالزنى.
والثاني: أنه يثبت بشاهدين؛ لأنه لا يلحق بالزنى في الحد، فلم يلحق به في الشهادة. والأول أصح.
والقسم الثاني من حقوق الله تعالى وهو: حد الخمر والقتل في المحاربة والردة.. فلا يثبت إلا بشاهدين؛ لأنه يتم من فرد، فجاز إثباته بشهادة رجلين، بخلاف الزنى.
القسم الثالث: هو الإقرار بالزنى، وفيه قولان:
أحدهما: يثبت بشاهدين؛ لأنه إثبات إقرار، فقبل من اثنين، كالإقرار بسائر الحقوق.
والثاني: لا يثبت إلا بأربعة شهداء؛ لأنه سبب يثبت به حد الزنى، فاعتبر فيه أربعة شهود، كالشهادة على الفعل.
وإن كان المقر أعجميا.. ففي عدد المترجمين عنه وجهان، بناء على القولين في الإقرار بالزنى.
ولا مدخل لشهادة النساء في هذين القسمين؛ لما ذكرناه من حديث الزهري.
[مسألة قبول الشهادة لحقوق الله من غير دعوى]
وماذا لو تطاول الزمان على شهادة الزنى؟] : تقبل الشهادة على حقوق الله عز وجل؛ مثل الزنى، وشرب الخمر، والقتل في المحاربة، والردة، من غير دعوى؛ لأن الحق لله تعالى وليس هناك مدع.