إذا طلق الرجل امرأته طلاقًا رجعيًا.. فإنها تستحق على الزوج جميع ما تستحق الزوجة، إلا القسم، إلى أن تنقضي عدتها، وهو إجماع.
وإن كان الطلاق بائنًا.. وجب لها السكنى، حائلًا كانت أو حاملًا.
وأما النفقة: فإن كانت حائلًا.. لم تجب لها، وإن كانت حاملًا.. وجبت.
وقال ابن عباس، وجابر:(لا سكنى للبائن) . وبه قال أحمد، وإسحاق.
وقال أبو حنيفة:(تجب النفقة للبائن، سواء كانت حائلا أو حاملًا) .
ودليلنا: قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٦][الطلاق: ٦] ، فأوجب السكنى للمطلقات بكل حال، وأوجب لهن النفقة بشطر إن كن أولات حمل، فدل على: أنهن إذا لم يكن أولات حمل.. أنه لا نفقة له.
وروي:«أن فاطمة بنت قيس طلقها زوجها ثلاثًا وهو غائب بالشام، فحمل إليها وكيله كفًا من شعير، فسخطته، فقال لها: لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا، إنما يتطوع عليك. فأتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخبرته بذلك، فقال لها: لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا، واعتدي عند أم شريك» .
إذا ثبت هذا: فهل تجب النفقة للحمل، أو للحامل لأجل الحمل؟ فيه قولان:
أحدهما: أنها تجب للحمل؛ لأنها تجب عليه بوجوده، ولا تجب عليه بعدمه، فدل على: أنها تجب له.
والثاني: أنها تجب للحامل لأجل الحمل، وهو الأصح؛ لأنه تجب عليه نفقة الزوجة مقدرة، ولو وجبت للحمل.. لتقدرت بقدر كفايته، كنفقة الأقارب، والجنين يكتفي بدون المد.