قد يتغير موضع من البحر بالنجاسة، فكيف يحكم بنجاسة جميعه؟!
وظاهر كلام الشيخ أبي إسحاق: أنه لا فرق بين أن يكون ما لم يتغير أقل من قلتين، أو قلتين، أو أكثر، فإنه ينجس الجميع؛ لأنه قال: لأنه ماء واحد، وهذه العلة موجودة. وإن كان الذي لم يتغير قلتين أو أكثر.. فقد ذكر ابن الصباغ ما يدل على صحة ذلك، فقال: إذا كان هناك ماء راكد متغير بالنجاسة، وبجنبه قلتان تمران براكد غير متغير.. فقياس المذهب: أن كل جرية تنجس به؛ لأنه كالماء الواحد، فكان الكل نجسًا وإن كثر، ولأنه ماء واحد فلا يتبعض حكمه، فإذا انفصلتا عنه.. زال حكم النجاسة؛ لأنه قلتان غير متغير بالنجاسة، فجعل ابن الصباغ القلتين نجستين وإن كانتا غير متغيرتين، لاتصالهما بالماء المتغير بالنجاسة.
ومن قال بهذا: يمكنه أن ينفصل عما ذكروه في البحر بأن يقول: المتغير لا يستقيم فيه، فلا ينجس بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من لم يطهره البحر.. فلا طهره الله» .
ولم يفرق بين أن يتغير بالنجاسة، أو لا يتغير؛ لأن التغير في جميعه لا يتصور، وفي بعضه لا يستقيم.
[مسألة: النجاسة المعفو عنها]
وإن وقعت في الماء نجاسة يدركها الطرف، من بول، أو خمر، أو ميتة لها نفس سائلة ولم تغيره، فإن كان راكدًا.. نظرت:
فإن كان الماء أقل من قلتين.. نجس، وإن كان قلتين، أو أكثر.. لم ينجس، وروي ذلك عن ابن عمر، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأحمد، وإسحاق.
وذهبت طائفة: إلى أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، سواء كان قليلًا، أو كثيرًا. ذهب إليه من الصحابة: ابن عباس، وحذيفة، وأبو هريرة. وبه قال الحسن