وإن حضر أحد الوكيلين عند الحاكم، والآخر غائب، وادعى الحاضر الوكالة له وللغائب، وأقام على ذلك بينة.. قال ابن الصباغ: سمعها الحاكم، وحكم بثبوت الوكالة لهما، ولم يكن للحاضر أن يتصرف حتى يحضر الغائب، فإذا حضر الغائب.. لم يحتج إلى إعادة البينة؛ لأن الحاكم قد سمعها، فإن قيل: هذا حكم للغائب؟ قلنا: إنما جاز ذلك تبعا لحق الحاضر، كما يجوز أن يحكم في الوقف لأهل البطن الثاني تبعا لأهل البطن الأول.
وإن وكلهما في حفظ ماله، فإن كان مما لا ينقسم.. جعلاه في حرز لهما، وإن كان مما ينقسم.. فهل لهما أن يقسماه؟ فيه وجهان، وقد مضى ذلك في الرهن.
وإن وكل اثنين في طلاق امرأته على الاجتماع.. لم يكن لأحدهما أن ينفرد به.
وقال أبو حنيفة:(لأحدهما أن ينفرد به) .
دليلنا: أنه تصرف فوضه إلى اثنين، فلم يكن لأحدهما أن ينفرد به، كالبيع.
[مسألة: وكله بأن يخاصم ويثبت حقه]
] : إذا قال: وكلتك أن تخاصم عني وتثبت حقوقي، ولا تقر عني، ولا تصالح ولا تبرئ.. فله أن يخاصم، ويثبت الحقوق، ولا يملك الإقرار عنه، ولا الصلح، ولا الإبراء بلا خلاف؛ لأنه قد نهاه عن ذلك.
وإن قال: وكلتك في الخصومة، وتثبيت الحقوق..فلا يملك الإبراء، ولا الصلح، ولا الإقرار عن موكله عندنا، وبه قال مالك، وابن أبي ليلى، وزفر.
وقال أبو حنيفة، ومحمد:(إذا أقر الوكيل أن الموكل قد قبض الحق الذي وكله فيه في مجلس الحكم.. قبل إقراره عليه، وإن أقر عليه في غير مجلس الحكم.. لم يقبل إقراره عليه) . وقال أبو يوسف: يقبل إقراره عليه في مجلس الحكم وفي غيره.
دليلنا: أن التوكيل في الخصومة يقتضي إثبات الحق، والإقرار بقبضه يقتضي إسقاطه، وهو ضد الإثبات، ومن وكل في شيء.. لم يصر وكيلا في ضده، ألا ترى