القول، بل يرجع إليها، فإن قالت: أردت أنِّي زانية وهو أزنى مني.. فقد اعترفت على نفسها بالزِّنَى واعترف بقذفه، فيجب عليها حد الزِّنَى وحد القذف، ويسقط عنه حد القذف. وإن قالت: لست بزانية ولا هو بزان، فإن صدقها على ذلك.. سقط عنها عهدة هذا الكلام، فيجب لها عليه حد القذف. وإن كذبها وادعى: أنها أرادت أنها زانية وأنه أزنى منها.. فالقول قولها مع يمينها. فإن حلفت.. وجب لها عليه حد القذف، وإن نكلت وحلف.. وجب عليها حد القذف، وسقط عنه حد القذف، ولا يجب عليها حد الزِّنَى بيمينه، لأنه حق لله تَعالَى، فلا يثبت بيمينه.
[فرع: قوله: هي أزنى من فلان أو هو أزنى الناس]
وإن قال رجل لامرأته أو لغيرها: أنت أزنى من فلان أو من فلانة.. فإنه يكون قاذفاً بظاهر هذا القول، لأن قوله:(أزنى) على وزن أفعل، ولفظة:(أفعل) لا تستعمل إلا فيما يشتركان فيه ثم ينفرد أحدهما بزيادة - كما لو أن رجلاً قال: زيد أفقه من عمرو.. اقتضى قوله هذا: أنهما مشتركان في الفقه إلا أن زيدا أكثر فقهاً منه - فيرجع إليه، فإن قال: أردت أن فلاناً زان، وأنت أزنى منه.. فقد اعترف لهما بالقذف. وإن قال لا أعرف فلاناً، أو أعرفه وليس هو بزان، فإن صدقته على ذلك.. سقط عنه عهدة هذا الكلام. وإن كذبته.. حلف لها: أنه ما قذفها.
وإن قال لغيره: أنت أزنى الناس.. لم يكن هذا قذفاً بظاهره، فيرجع إليه، فإن قال: أردت أنه أزنى من جميع الناس.. لم يكن ذلك قذفاً، لأنا نعلم أن جميع الناس ليسوا بزناة، فيكون هذا أزنى منهم. وإن قال: أردت به أنه أزنى من زناة الناس، أو قال له ابتداء: أنت أزنى من زناة الناس.. كان قاذفاً له، فيجب عليه حد القذف لهذا المخاطب، ولا يجب عليه الحد لزناة الناس، لأنه قد قذف جماعة غير معينين.