قال الطبري: وذكر صاحب " التلخيص " قولاً آخر: أن غير الأب من الأمهات والأجداد يقتلون بالولد.
قال أصحابنا: ولا يعرف هذا للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ولعله قاس على رجوعهم في هبتهم له، فإن فيه قولين عند الخراسانيين.
والدليل عليه: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يقاد والد بولده» . والوالد يقع على الجميع. ولأن ذلك حكم يتعلق بالولادة، فشاركوا فيه الأب، كالعتق بالملك، ووجوب النفقة.
[فرع ادعيا لقيطاً ولا بينة فقتلاه]
وإن ادعى رجلان نسب لقيط ولا بينة لأحد منهما.. عرض على القافة، فإن قتلاه قبل أن يلحق بأحدهما.. لم يجب على أحدهما قود؛ لأن كل واحد منهما يجوز أن يكون أباه، فإن رجعا عن الإقرار بنسبه.. لم يسقط نسبه عن أحدهما؛ لأن من أقر بنسب احتمل صدقه.. لم يجز إسقاطه برجوعه.
فإن رجع أحدهما، وأقام الآخر على دعواه.. انتفى نسبه عن الراجع، ولحق بالآخر؛ لأن رجوع الراجع لا يسقط نسبه، ويسقط القصاص عن الذي لحق نسبه به، ويجب القصاص على الراجع؛ لأنه شارك الأب، ولا يكون القصاص للأب، لأنه قاتل، بل يكون لسائر ورثة اللقيط، ويجب على الأب لهم نصف الدية.
وإن تزوج رجل امرأة في عدتها من غيره، ووطئها جاهلاً بالتحريم، وأتت بولد يمكن أن يكون من كل واحد منهما، فقتلاه قبل أن يلحق بأحدهما.. لم يجب على أحدهما قود؛ لجواز أن يكون كل واحد منهما أباه، فإن رجعا.. لم يقبل رجوعهما.
فإن رجع أحدهما، وأقام الآخر على الدعوى.. لم يسقط نسبه عن الراجع ولم يجب عليه القود.