للفقراء والمساكين؛ لما روي:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نحر بدنا له، وقال: " ليقتطع من شاء منكم» وإنما لم يصر مباحا إلا بالقول؛ لأن له أن يخص به من شاء من الفقراء، كما قلنا في الزكاة. فإذا أذن المالك جاز لمن سمع الإذن أو علمه أن يأخذ منه، وأما من لم يسمع الإذن ولا أخبر به فهل يجوز له أن يأخذ منه إذا وجده مذبوحا مشعرا؟ فيه قولان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما: لا يحل له حتى يعلم الإذن لجواز أن يكون تطوعا، أو كان واجبا وأراد أن يخص به بعض الفقراء.
والثاني: يحل له وإن لم يعلم الإذن؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أمر بهذه العلامة من الدم لهذه العلة، ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما بعث الأسلمي لم يأمره أن يخص به قوما دون قوم.
وإن أخر ذبحه حتى مات وجب عليه الضمان؛ لأنه فرط بتركه، فلزمه الضمان، كالمودع إذا رأى من يسرق الوديعة فسكت عنه.
فإن قيل: أليس لو نذر عتق عبد، فأخر إعتاقه حتى مات لم يجب عليه ضمانه؟
قلنا: الفرق بينهما: أن المستحق للعتق هو العبد وقد تلف، وهاهنا المستحق للهدي هم الفقراء، وهم مجودون.
[فرع إتلاف الهدي بسبب منه]
] : وإن أتلف المهدي الهدي لزمه ضمانه؛ لأنه أتلف مال المساكين ويضمنه بأكثر الأمرين: من قيمته أو هدي مثله.