إذا حضر خصمان عند القاضي.. جاز للقاضي أن يقول لهما: تكلما أو يتكلم المدعي منكما، أو يقول ذلك القائم على بابه؛ لأنهما ربما هاباه من ابتداء الكلام. ولا يجوز أن يقول لأحدهما: تكلم؛ لأن في ذلك كسرا لقلب الآخر.
ويجوز له أن يسكت إلى أن يتكلم المدعي منهما؛ لأنهما ما حضرا إلا للكلام. فإذا ابتدأ أحدهما بالدعوى، فأراد الآخر أن يداخله بالكلام في حال كلامه.. منعه من ذلك؛ لأن المداخلة تمنع المدعي من بلوغ غرضه في الدعوى.
فإذا ادعى أحدهما على الآخر بدعوى، فإن كانت غير صحيحة.. قال له القاضي: صحح دعواك. وهل له أن يلقنه كيف يصححها؟ فيه وجهان:
أحدهما -وهو قول أبي سعيد الإصطخري -: يجوز له ذلك؛ لأنه لا ضرر على المدعى عليه في تصحيح الدعوى عليه.
والثاني - وهو المذهب -: أنه لا يجوز للقاضي ذلك؛ لأن قلب الآخر ينكسر بذلك.
وإن كانت الدعوى صحيحة، فإن لم يجبه المدعى عليه بعد الدعوى.. نظرت:
فإن قال المدعي للقاضي: كلفه الخروج عن دعواي.. قال له القاضي: أجب عن دعواه. وإن لم يسأله المدعي ذلك.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز له ذلك؛ لأن سؤال المدعى عليه حق للمدعي، فلا يستوفيه القاضي من غير إذنه.
والثاني: يجوز له ذلك، وهو المذهب؛ لأنه ما ادعى عليه إلا ليجيبه، فكان شاهد الحال يدل عليه.