قال الشافعي في " أمالي حرملة ": (وإذا دفع إلى رجل إلى مائة درهم قراضا، فتصرف فيها، فخسر خمسين، فقال لصديق له: أقرضني خمسين لأضمها إلى ما معي؛ ليرى ذلك رب المال ولا ينزعها مني، فإذا ترك المال في يدي.. رددت الخمسين إليك، فأقرضه خمسين، وأضافها إلى الخمسين التي بقيت معه، فلما حمل المال إلى رب المال.. أخذ رب المال المائة، وفسخ القراض، فادعى المقرض: أن له في المال خمسين أقرضه إياها، وأنه يستحق أخذها، وأقام على ذلك بينة.. لم يكن له أخذ الخمسين؛ لأن المستقرض ملكها، وزال ملكه عنها إلى رب المال، فصار بمنزلة ما لو تلفت في يده، ويكون حق المقرض في ذمة العامل) .
[فرع: تراجع العامل عن قوله ربحت]
فإن قال العامل: ربحت في المال ألفا، ثم قال بعد ذلك: غلطت، فظننت أني ربحت ذلك، ثم نظرت في الحساب، فلم أكن ربحت، أو قال: أظهرت ذلك خوفا من أن ينتزع المال من يدي.. لم يقبل رجوعه؛ لأنه تعلق بذلك حق رب المال، فلم يسقط برجوعه، كما لو أقر لغيره بدين، ثم رجع عنه.
فإن قال: قد كان حصل في المال ربح، ثم تلف.. قبل قوله؛ لأنه أمين، فقبل قوله في التلف.
قال أبو علي في (الإفصاح) : وإنما يقبل قوله هاهنا في الخسران إذا كان قد تصرف فيه بعد ذلك، وإن لم يتصرف وكان السعر بحاله.. لم يصدق.
[فرع: اختلفا في المال قرضا أو قراضا]
قال الطبري في (العدة) : وإن دفع إلى رجل مالا، فتلف في يده، ثم اختلفا، فقال رب المال: دفعته قرضا، وقال القابض: بل أخذت قراضا، وأقام كل واحد بينة.. فبينة العامل أولى في أحد الوجهين، خلافا لأبي حنيفة.