] : إذا ادعى رجل أن اللقيط عبده.. سمعت دعواه سواء ادعاء الملتقط أو غيره؛ لأن ما يدعيه ممكن، وذلك أنه يحتمل أنه ولد أمته من زواج أو زنا، فإن قيل: إن الملتقط قد اعترف بأنه التقطه، فكيف سمعت دعواه أنه عبده؟ قيل بالجواب: إن اعترافه أنه التقطه لا يمنع من قبول دعواه بعد ذلك أنه عبده؛ لأن أمته قد تلده من زواج أو زنا، فترمي به، ولا يعلم به، فيلتقطه، ثم يعلم بعد ذلك أنه ابن أمته.
إذا ثبت أن دعواه تسمع.. فإنه لا يحكم له برقه إلا بعد أن يقيم البينة؛ لأن الظاهر حريته. فإذا أقام المدعي البينة: فلا يخلو: إما أن يقيم البينة على الولادة، أو على الملك، أو على اليد.
فإن أقام البينة على الولادة.. قبل فيه شاهدان، أو شاهد وامرأتان، أو أربع نسوة، فإن قالت البينة: نشهد أن أمة هذا ولدته في ملكه. حكم له برقه؛ لأن ما تلده أمته في ملكه.. يكون مملوكًا له ولا يلحقه نسبه؛ لأنها ليست بفراش له، وإن قالت البينة: نشهد أن هذا ولد أمته.. فقد قال الشافعي في (اللقيط) : (يحكم له بملكه في هذه الشهادة) وقال في (الدعوى والبينات) : (إذا شهدوا بأن أمته ولدته في ملكه.. حكمت له برقه) .
واختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: يحكم له برقه قولًا واحدًا، وإن لم يقولوا ولدته في ملكه؛ لأنهم قد شهدوا أن أمته ولدته. والظاهر أنها ولدته في ملكه، وما ذكره في (الدعوى والبينات) إنما ذكره تأكيدًا لا شرطًا.
ومنهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: يحكم له برقه، لما ذكرناه.
والثاني: لا يحكم له برقه؛ لأنها قد تلده قبل أن يملكها، فيكون ابن أمته ولا يكون مملوكًا له.