والثاني: لا تطلق. قال الشيخ أبو إسحاق: وهو ظاهر النص؛ لأن النية قارنت لفظا لا يصلح للطلاق.
وأما الألفاظ التي لا تدل على الفراق إذا خاطبها كقوله: بارك الله فيك، وما أحسن وجهك، أطعميني واسقيني، قومي واقعدي، وما أشبه ذلك.. فلا يقع به الطلاق وإن نواه؛ لأنها لا تصلح للفرقة، فلو أوقعنا الطلاق بذلك.. لأوقعنا الطلاق بمجرد النية، والطلاق لا يقع بالنية من غير لفظ.
واختلف أصحابنا: هل للفارسية صريح في الطلاق؟ فذهب أكثرهم إلى: أن له صريحا في لغتهم، كما نقول في لغة العرب.
إذا ثبت هذا، فقال لزوجته: اختاري، فاختارت زوجها.. لم يقع عليها الطلاق. وبه قال ابن عمر وابن عباس وابن مسعود وعائشة، وبه قال أكثر الفقهاء.
وروي: عن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت روايتان:
إحداهما: كقولنا.
والثانية: أنها إذا اختارت زوجها.. وقع عليها طلقة واحدة رجعية. وبه قال الحسن البصري وربيعة.
دليلنا: ما روي: «أن رجلا سأل عائشة عن رجل خير زوجته فاختارته، فقالت: خير رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساءه فاخترنه، أكان ذلك طلاقا؟!) فأخبرت: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خير نساءه فاخترنه، ولم يجعل ذلك طلاقا» وهي أعلم الناس بهذه القصة؛ لـ: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدأ بها.