للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه لا يجوز له ذلك، ولا يجب على المأمور طاعته.

ومن أصحابنا الخراسانيين من قال: لا يجب القود على من أكرهه الإمام، قولاً واحداً، ويجب القود على من أكرهه غير الإمام، قولاً واحداً؛ لما ذكرناه من الفرق بينهما. والطريق الأول أصح.

إذا ثبت هذا: فإن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال في " الأم ": (ولو أمر الإمام رجلاً بقتل رجل ظلماً، ففعل المأمور ذلك.. كان عليهما القود) . واختلف أصحابنا في تأويله:

فقال أبو إسحاق: أراد: إذا أكرهه وأجاب، على أحد القولين.

ومنهم من قال: لم يرد بذلك إذا أكرهه؛ لأنه ذكر الإكراه بعد ذلك، وإنما تأويله: أن يقتل مسلماً بكافر، والإمام والمأمور يعتقدان أنه لا يقتل به، إلا أن المأمور اعتقد أن الإمام قد أداه اجتهاده إلى ذلك.. فيجب عليهما القود؛ أما الإمام: فلأنه ألجأه إلى قتله بأمره؛ لأن طاعة أمره واجبة، وأما المأمور: فلأن القتل إذا كان محرماً.. لم يجز له أن يفعله، وإن كان الإمام يرى إباحته.. فيلزمهما القود.

[فرع كيفية الإكراه]

واختلف أصحابنا في كيفية الإكراه على القتل:

فقال ابن الصباغ: لا يكون الإكراه عليه إلا بالقتل، أو بجرح يخاف منه التلف، فأما إذا أكرهه بضرب لا يموت منه، أو بأخذ مال.. فلا يكون إكراهاً؛ لأن ذلك لا يكون عذراً في إتلاف النفس لحرمتها؛ ولهذا: يجب عليه الدفع عن نفسه في أحد الوجهين، ولا يجب عليه الدفع عن ماله، بل يجب عليه بذله لإحياء نفس غيره.

وقال الشيخ الإمام أبو حامد في " التعليق ": إذا أكرهه بأخذ المال عن القتل.. كان إكراهاً، كما قلنا في الإكراه على الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>