وإن قلنا: لا تجب عليه نصف الدية.. فهل تجب عليه الكفارة؟ فيه وجهان.
إذا ثبت هذا: فإنه لا فرق بين الإمام وبين النائب عنه في ذلك؛ لأن طاعته تجب كما تجب طاعة الإمام.
وكذلك: إذا تغلب رجل على بلد أو إقليم بتأويل، وادعى: أنه الإمام، كالإمام الذي نصبه الخوارج.. فحكمه حكم الإمام في ذلك؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يرد من أفعاله إلا ما يرد من أفعال الإمام العدل، وكذلك قاضيهم.
وأما إذا تغلب رجل على بلد بغير تأويل، بل باللصوصية، وأمر رجلاً بقتل رجل بغير حق، أو أمره رجل من الرعية بقتل رجل بغير حق، فإن لم يكرهه الآمر على القتل، فقتله.. وجب على المأمور القاتل القود والكفارة، سواء علم أنه أمره بقتله بحق أو بغير حق؛ لأنه لا يجب عليه طاعته بخلاف الإمام، ولا يلحق الإمام إلا الإثم؛ للمشاركة بالقول.
وأما القود والدية والكفارة: فلا تجب عليه؛ لأنه لم يلجئه إلى قتله.
وأما إذا أكرهه على قتله: وجب على الآخر القود والكفارة؛ لأنه توصل إلى قتله بالإكراه، فهو كما لو قتله بيده.
وأما المأمور: فإن كان يمكنه أن يدفع الآمر بنفسه أو بعشيرته أو بمن يستعين به.. فلا يجوز له أن يقتل، فإن قتل.. فعليه القود والكفارة. وإن لم يمكنه أن يدفع الآمر بنفسه، فقتل.. فهل يجب عليه القود؟ اختلف أصحابنا فيه:
فقال أكثرهم: فيه قولان، كما قلنا في الذي أكرهه الإمام.
ومنهم من قال: يجب عليه القود، قولا ًواحداً؛ لأن الذي أكرهه الإمام له شبهة في أمر الإمام؛ لجواز أن يكون الإمام قد علم بأمر يوجب القتل على المقتول وإن لم يعلم به المأمور، وطاعة الإمام تجب، بخلاف المتغلب باللصوصية وآحاد الرعية،