أحدها - وهو قول أبي سعيد الإصطخري -: إن أكل الحالف النصف فما دون.. لم يحنث، وإن أكل أكثر من النصف.. حنث؛ لأنه إذا أكل النصف فما دونه.. لا يتحقق أنه أكل ما اشتراه زيد، فلم يحنث، كما لو حلف: لا يأكل تمرة، فاختلطت بتمر كثير، فأكل الجميع إلا تمرة.
وإذا أكل أكثر من النصف.. تحققنا أنه أكل مما اشتراه زيد، فحنث.
والثاني - وهو قول أبي إسحاق -: إن أكل حبات يسيرة، كالحبة والحبتين والعشرين حبة.. لم يحنث؛ لأنه يجوز أن يكون مما اشتراه عمرو، وإن أكل كفا.. حنث؛ لأنا نتحقق أن فيه مما اشتراه زيد؛ لأن العادة أن الطعامين إذا اختلطا أن لا يتميز الكف منه من أحدهما.
والثالث: - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة -: أنه لا يحنث وإن أكل جميعه؛ لأنه لا يمكن أن يشار إلى شيء منه أنه مما اشتراه زيد، فصارا كما لو اشترياه مشاعا.
والأول اختيار القاضي أبي الطيب، ولم يذكر المسعودي [في " الإبانة "] غيره.
والثاني اختيار ابن الصباغ.
[فرع: حلف لا يأكل مما اشتراه زيد]
وإن حلف: لا يأكل من طعام اشتراه زيد، فاشترى زيد طعاما، ثم باع نصفه، فأكل منه الحالف.. قال ابن الصباغ: حنث؛ لأن زيدا اشترى جميعه.
وإن باع طعاما، فاستقال فيه، أو صالح على طعام من دعوى، فأكل منه الحالف.. قال الطبري: لم يحنث.
وكذلك: إذا ورث زيد طعاما هو وغيره، وقاسم شركاءه، وأكل مما حصل لزيد.. لم يحنث الحالف، سواء قلنا: إن الإقالة والقسمة بيع أو لم نقل؛ لأنا وإن قلنا: إنهما بيع، فإنما ذلك بيع من طريق الحكم، وأما من طريق الاسم والحقيقة: فليس ببيع، وكذلك الصلح بهذا المعنى.