دليلنا: أن ذلك من مؤنة الرهن، فكان على الراهن، كالنفقة.
فإن كان الراهن حاضرا.. كلف أن يكتري موضعا لذلك. وإن امتنع من ذلك.. أخذ الحاكم لذلك من ماله. وإن كان معسرا، فإن أنفق المرتهن بغير إذنه.. كان متطوعا. وإن أنفق بإذن الراهن ليرجع به عليه.. رجع به عليه إذا أيسر. وإن أنفق بإذنه ليكون دينا عليه، ويكون الرهن رهنا به وبالدين.. ففيه طريقان، كالعبد إذا جنى وفداه المرتهن بإذن الراهن ليكون دينا عليه، ويكون العبد مرهونا به وبالدين.
وإن كان الراهن غائبا.. رفع الأمر إلى الحاكم، فإن كان للراهن مال.. أنفق عليه من ماله، وإن لم يكن له مال، فإن أنفق المرتهن بإذن الحاكم.. رجع به على الراهن، وإن أنفق عليه بغير إذن الحاكم مع القدرة عليه.. كان متطوعا، ولم يرجع. وإن لم يقدر على إذن الحاكم، فأنفق.. فهل يرجع بما أنفق؟ فيه وجهان، كما نقول في الجمال إذا هرب وأنفق المكتري. فإن جني على الرهن، واحتاج إلى مداواة.. كانت المداواة على الراهن، وكذلك إن أبق.. فأجرة من يرده على الراهن.
وقال أبو حنيفة:(إن كانت قيمة الرهن كقدر الدين.. فالمداواة على المرتهن، وإن كانت قيمة الرهن أكثر من الدين.. فأجرة المداواة على الراهن والمرتهن بالقسط على المرتهن بقدر حقه، والزيادة على الراهن) . وكذا قال في أجرة من يرده:(تكون بقدر الأمانة على الراهن، وبقدر الضمان على المرتهن) .
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرهن من راهنه، له غنمه، وعليه غرمه» . وهذا من غرمه، ولأنه من مؤنة الرهن، فكان على المالك، كالنفقة، والكسوة.
وإن مرض الرهن واحتاج إلى دواء.. فإن الراهن لا يجبر عليه؛ لأنه لا يتحقق أنه سبب لبقائه، وقد يبرأ بغير علاج، بخلاف النفقة عليه؛ لأنه لا يبقى من غير نفقة.
[مسألة: جناية العبد المرهون]
وإن جنى العبد المرهون.. لم يخل: إما أن يجني على أجنبي، أو على سيده، أو على من يرثه سيده، أو على عبد سيده.