والثاني: ليس له تحليلها؛ لأنه كان له منعها منه ما لم يكن مضيقا عليها، بل هو على التراخي، فأما إذا أحرمت فيه فقد تضيق عليها وتعين عليها.
وإن كان الحج تطوعا فقد قال الشافعي:(ومن قال: ليس له أن يحللها من حجة الإسلام إذا أحرمت به يلزمه أن يقول: إذا أحرمت بتطوع لم يكن له أن يحللها منه) . فاختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: فيه قولان، كحجة الإسلام؛ لأن حجة التطوع تلزمه بالدخول، كحجة الإسلام.
ومنهم من قال: له أن يحللها من حج التطوع قولا واحدا - وهو اختيار الشيخ أبي إسحاق في " المهذب " - كما يجوز له أن يحللها من صوم التطوع، وما ذكره الشافعي في حجة التطوع، فإنما ذكره تشنيعا على قول من قال: ليس له منعها من إتمام حجة الإسلام، وتضعيفا له، لا أنه مذهب له في حج التطوع.
[فرع الحج والعمرة وإذن الوالدين]
] : فأما إذا أراد أن يسافر للحج أو العمرة وله والدان أو أحدهما، فإن كان لحج واجب: إما حجة الإسلام أو النذر أو قضاء عليه لم يكن لهما ولا لأحدهما منعه منه؛ لأن هذا واجب عليه، وطاعة الوالدين مستحبة مندوب إليها، فلا يجوز له أن يترك الواجب بالمستحب. وإن كان لحج تطوع كان لهما ولكل واحد منهما منعه؛ لما روي: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى رجلا يجاهد معه، فقال:" ألك والدان؟ " فقال: نعم، فقال:" استأذنتهما؟ "، فقال: لا، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ففيهما فجاهد ".