وإن غصب منه ما له مثل، وأتلفه، ولم يوجد المثل، فإن قال المغصوب منه: أنا أصبر إلى أن يوجد المثل.. كان له ذلك؛ لأن الحق له، وإن قال: لا أصبر.. كان له أن يطالب بالقيمة؛ لأنه إذا لم يجود المثل.. صار كما لو لم يكن له مثل، ومتى تعتبر قيمته؟ فيه أربعة أوجه:
أحدها ـ وهو قول أبي إسحاق المروزي ـ: أنها تجب أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف؛ لأنه لما أتلفه، ولم يوجد له مثل.. صار كالذي لا مثل له.
والثاني ـ وهو قول القاضي أبي الطيب ـ: أن قيمته تعتبر حين حكم الحاكم بها؛ لأن الواجب في الذمة هو المثل، بدليل: أنه لو صبر إلى وجود المثل.. لم يجبر على أخذ القيمة، فإذا تعذر المثل.. اعتبرت قيمته وقت الحكم بها.
والثالث ـ وهو قول أبي علي الطبري ـ: أنها تجب أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التقويم؛ لأن الواجب في الذمة هو المثل، فلما تعذر.. اعتبرت قيمته أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التقويم، كما تعتبر قيمة ما لا مثل له أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف.
والرابع ـ وهو قول ابن القاص ـ: أن قيمته تعتبر يوم حكم الحاكم بها، إلا أن يكون المثل مما ينقطع، مثل عصير العنب، فتعتبر قيمته يوم الانقطاع؛ لأن بالانقطاع سقط المثل، ووجبت قيمته، والذي لا ينقطع ـ وإنما يتعذر في موضع دون موضع ـ لا يسقط فيه المثل، فاعتبرت قيمته يوم المحاكمة.
وإن وجد المثل بأكثر من قيمته.. فهل يلزمه شراؤه؟ فيه وجهان، خرجهما الشيخ أبو إسحاق:
أحدهما: لا يلزمه شراؤه؛ لأن وجود الشيء بأكثر من قيمته بمنزلة المعدوم، كما قلنا في الرقبة في الكفارة.