وإن كان المسروق منه لم يستوف حقه.. سمعت فيه الدعوى ولزمت عليه الإجابة، فإن أقام المدعي البينة أو أقر المدعى عليه.. لزمه الغرم والقطع، وإن لم تكن بينة ولا إقرار.. فالقول قول السارق مع يمينه، وإن حلف.. فلا غرم عليه ولا قطع، وإن نكل عن اليمين.. ردت اليمين على المسروق منه، فإذا حلف.. ثبت الغرم له، ولا يثبت القطع؛ لأنه حق لله تعالى، فلا يثبت بيمين المدعي.
[مسألة البينة مقدمة على اليمين في ثبوت الحق]
وتكفي لوحدها بشرط العدالة] :
وإن كان مع المدعي بينة فيما ادعاه.. حكم له بها، وقدمت على يمين المدعى عليه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» ، «وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحضرمي:" ألك بينة؟ " قال: لا، قال: " لك يمينه» . فبدأ بالبينة على اليمين، فثبت أنها مقدمة. ولأن البينة حجة من غير جهة المدعي فلم تلحقها التهمة، واليمين قول واحد، وقول اثنين أقوى من قول واحد، فقدم القوي على الضعبف.
إذا ثبت هذا: فأحضر المدعي شاهدين.. فإن الحاكم لا يسألهما حتى يقول له المدعي: قد حضر الشاهدان فاسألهما؛ لأن الحق في سماع البينة له، فلا يفعله الحاكم بغير إذنه. فيقول لهما القاضي: ما تقولان، أو أي شيء عندكما؟ ولا يقول لهما: اشهدا؛ لما روي عن شريح: أنه قال للشاهدين: ما دعوتكما، فإن قمتما.. لم أمنعكما، وأنا أتقي الله فيكما فاتقيا الله في أنفسكما. فإن شهدا شهادة غير صحيحة.. فإن القاضي يقول للمدعي: زدني في شهودك. وإن شهدا شهادة صحيحة.. فإن القاضي يتعرف عدالتهما إن كان لا يعرفهما، على ما مضى. فإذا ثبتت عدالتهما عنده.. فإنه لا يجوز له أنه يحكم بشهادتهما حتى يسأله المدعي أن يحكم بشهادتهما؛ لأن الحكم بذلك حق له فلا يفعله إلا بإذنه. فإن سأل المدعى عليه أن يحلف المدعي مع شاهديه أنه يستحق ما شهدا له به عليه.. لم يلزمه أن يحلف، وبه قال مالك، وأبو حنيفة.