وعرضت اليمين على المدعى عليه إذا لم يكن مع المدعي بينة.
وقال أبو حنيفة:(حد القذف حق لله تعالى، فلا تعرض فيه اليمين على المدعى عليه) ، وقد مضى الدليل عليه: أنه حق لآدمي.
وهكذا: إن ادعى عليه شتما يوجب التعزير.. عرضت فيه اليمين على المدعى عليه، فإن لم يحلف.. حلف المدعي، وعزر الشاتم.
وأما حد الشرب: فلا تسمع فيه الدعوى ولا تلزم الإجابة عليه؛ لأن الدعوى لا تسمع إلا من خصم أو وكيل له، وهذا ليس بواحد منهما.
وأما الدعوى في الزنى: فلا تسمع ولا تعرض فيه اليمين على المدعى عليه إذا لم يتعلق به حق آدمي؛ لأنه مندوب فيه إلى الستر؛ ولهذا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هلا سترته بثوبك يا هزال» . ولأنه لا فائدة بذلك. ولهذا: لو أقر ورجع.. قبل رجوعه وإن تعلق به حق آدمي، مثل أن يقذف رجلا فيطالب المقذوف بحد القاذف، فإن قال القاذف للحاكم: يحلف المقذوف أنه ما زنى.. سمعت منه هذه الدعوى ولزم المقذوف أن يحلف؛ لجواز أن يخاف من اليمين فيقر بالزنى فيسقط عن القاذف حد القذف. وإن حلف المقذوف أنه ما زنى.. وجب على القاذف حد القذف. فإن نكل المقذوف عن اليمين.. ردت اليمين على القاذف فيحلف أن المقذوف زنى، فإن حلف.. سقط حد القذف ولا يجب على المقذوف بذلك حد؛ لأن ذلك حق لله تعالى فلا يجب بيمين القاذف، سواء قلنا: يمين المدعي مع نكول المدعى عليه كالبينة أو كالإقرار؛ لأنا إن قلنا: إنها كإقرار المدعى عليه.. فالحد يسقط بالإنكار بعد الإقرار.
وإن قلنا: إنها كالبينة.. فهي كالبينة في حق المتداعين، والحد لله تعالى وليس هو من حقوق المتداعين.
وأما الدعوى في السرقة: فإن كان المسروق منه قد وهب العين المسروقة من السارق، أو تلفت فأبرئ منها، أو استوفاها منه.. فلا تسمع فيها الدعوى ولا تعرض فيها اليمين؛ لأنه لم يبق إلا القطع وهو حق لله تعالى، فلا تسمع فيها الدعوى.