ولا يختص بالإجابة قوما دون قوم؛ لأن في ذلك ميلا إلى من حضر عنده، وكسرا لمن لم يحضر عنده.
قال الطبري في " العدة ": وقد قيل: إن هذا عند تساوي أحوال أصحاب الولائم وتقارب أحوالهم وفضلهم وعلمهم وصلاحهم، فأما من ليس في درجتهم من الفساق أو السوقة.. فلا بأس عليه أن لا يجيبهم وإن كان يجيب غيرهم. والأول هو المشهور. هذا ترتيب أصحابنا العراقيين، وقال الخراسانيون: إن دعاه الخصمان أو أحدهما إلى الضيافة.. لم يجب؛ لأن أحدهما ربما زاد في إكرامه ما لا يزيده الآخر.
وإن دعاه غير الخصمين إلى الضيافة، فإن دعاه إلى غير الوليمة.. لم يجب. وإن دعاه إلى الوليمة، فإن كانت الدعوة حفلا؛ بأن فتح الباب لكل من أراد أن يدخل.. لم يجب. وإن كانت الدعوة نقرى؛ بأن يخص قوما من أهل كل طائفة بأعيانهم.. لم يجب. فإن دعا كل طائفة واستوعبهم، فإن كان الحاكم يجد من طبعه أنه يجيب غيره.. أجابه. وإن كان يجد من طبعه أنه لا يجيب غيره.. لم يجبه.
[فرع شهود القاضي الجنائز]
وعيادة المرضى] :
ويجوز للقاضي أن يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويأتي مقدم الغائب؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«عائد المريض على مخارف الجنة حتى يرجع» ، و:«عاد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سعدا وجابرا وغلاما يهوديا كان في جواره، وعرض عليه الإسلام فأسلم» ، و:«كان يصلي على الجنائز» . فإن كثر ذلك عليه، وخاف أن يشغله عن الحكم.. فله أن يفعل من ذلك ما لا يقطعه عن الحكم، ويترك ما يشغله.