فإن لم يجب في مقابلة ما ذهب أرش، بأن ذهب ذلك بآفة سماوية، أو بفعل المشتري.. فإن البائع يرجع في المبيع ناقصا بجميع الثمن، كما قلنا فيمن أشترى عبدا، فذهبت عينه أو يده بآفة سماوية في يد البائع، فإن المشتري إذا اختار إجازة البيع.. أخذه بجميع الثمن.
وإن وجب للنقصان أرش، بأن ذهب ذلك بفعل أجنبي.. فإن البائع يرجع في العين بحصتها من الثمن، فيضرب مع الغرماء بحصة ما تلف من العين المبيعة من الثمن ويرجع المشتري على الأجنبي بالأرش، وإنما كان كذلك؛ لأن الأرش الذي يأخذه المشتري من الأجنبي بدل عن الجزء الفائت من المبيع، ولو كان ذلك الجزء موجودا.. لرجع به البائع، فإذا كان معدوما.. رجع بما قابله من الثمن.
فإن قيل: هلا قلتم: إن البائع يأخذ ذلك الأرش؟ قلنا: لا نقول ذلك؛ لأن البائع لا يستحق الأرش، وإنما يستحق ما قابل ذلك الجزء من الثمن، كما أن الأجنبي لو أتلف جميع المبيع.. لم يرجع البائع بما وجب على الجاني من القيمة، وإنما يرجع بالثمن. وبيان ما يرجع به، أن يقال: كم قيمة هذه العين قبل الجناية عليها؟ فإن قيل: مائة.. قيل: فكم قيمتها بعد الجناية عليها؟ فإن قيل: تسعون.. علمنا أن النقص عشر القيمة، فيضرب البائع مع الغرماء بعشر الثمن. فأما المفلس: فيرجع على الجاني بالأرش، فإن كان المبيع من غير الرقيق.. رجع بما نقص من قيمته بالجناية، وإن كان من الرقيق.. نظر إلى ما أتلفه منه، فإن كان مضمونا من الحر بالدية.. كان مضمونا من العبد بالقيمة، وإن كان مضمونا من الحر بالحكومة.. كان مضمونا من العبد بما نقص من القيمة، ويكون ذلك للغرماء، سواء كان أكثر مما رجع به البائع أو أقل منه.
[فرع: وجد البائع المفلس قد أجر المباع]
) وإن وجد البائع المبيع وقد أجره المشتري، ولم تنقض مدة الإجارة، واختار البائع الرجوع في العين.. كان له ذلك، واستوفى المستأجر مدة إجارته، ولا يأخذ البائع الأجرة ولا شيئا منها؛ لأن المبتاع ملك ذلك بالعقد، فصار ذلك كالعيب، وهكذا: